من أنا

صورتي
أناس تنفسوا الطين عشقا ’ ذابوا من مغازلته غربا وشرقا ’ بلمسات أناملهم أنطقوا الطين نطقا ’ من كثر شوقي لهم يخفق القلب خفقا

30‏/11‏/2008

سلسلة عشاق الخزف : بابلو بيكاسو


بابلو رويز بيكاسو


بابلو رويز (Pablo Ruiz)
والمعروف باسم بيكاسو (Picasso
ولد في 25 أكتوبر 1881 م في مالقة بإسبانيا وتوفي في 8 أبريل 1973 م في موجان بفرنسا، وهو ابن لمعلم الرسم "جوزي رويز بلاسكو" ومن أم تسمي "ماريا بيكاسو لوبز"، واستمر يستخدم اسم رويز حتي عام 1898م.
هو فنان تشكيلي ونقاش ونحات إسباني.
أقام أول معرض له في السادسة عشر من عمره،استقر في باريس عام 1904 م، شكلت أعماله علامة فارقة في تاريخ الفن المعاصر.أنجز العديد من الأعمال أثناء فترة حياته الفنية الطويلة:الفترتين الزرقاء والوردية (1901 - 1905 م). التكعيبية (آنسات أفينيون، 1906 - 1907 م). الكلاسيكية المحدثة (ح. 1920 م). السريالية والتجريدية (1925 - 1936 م). الإنطباعية (غرنيكا، 1937 م). تعرض أهم أعماله في ثلاث متاحف رئيسية :نزل سالي في باريس، والآخر في برشلونة، ومتحف اللوفر أكبر متحف في العالم.
كان بيكاسو يستخدم اليد اليسرى في الرسم
ومن أهم لوحات بيكاسو هي لوحة Lemaja والتي رسمها بوغي في عام 1834 وقام بيكاسو بإعادة رسمها عام 1879 - 1880، وقد عرضت في معرض Melky في سنة 2001 - 2005 حيث بلغت قيمتها حوال 76 مليون دولار أميريكي. وقد تم بيعها بهذا السعر لإحدى عائلات الخليج العربي.
وقد اختفت هذه اللوحة منذ بداية 2006 حيث أدى إلى زيادة كبيرة في السعر ربما تصل إلى 150 مليون دولار أمريكي.


بيكاسو والخزف


بدأ بيكاسو عمله الدؤوب بالسيراميك في ورشة مادوري للخزفيات في فالورى ، بدعوة من صاحبيها جورج وسوزان رامي.وبرسمه ونحته على الأوعية والجرار التي يصنعها فنانو مادوري ، أعاد بيكاسو ابتكار النواحي التقنية للرسم على الطين ، وزين بها الأطباق بمزج الطلاءات بالأكسيد الذي لا تظهر ألوانه إلا بعد التجفيف في الفرن.وصنع بيكاسو أسماكا وشرائح ليمون وبيضا مقليا وسجقا على أطباق ، ليحولها بأسلوبه الخاص إلى ما يسميه الاسبانيون صحون تغش البصر كما أنه ابتدع قطع موزاييك ضخمة من البلاط الخزفي متعدد الألوان.وكان الفنان ينتزع السيقان والصدور من عجلة الفاخوري ، ويحولها إلى نماذج يستخدمها حرفيو مادوري ، وإلى أكواب يقوم هو لاحقا برسمها بشكل مِعاز راكعة أو طيورا ملقاة في الجو. وقد كتب جورج رامي في كتابه سيراميكيات بيكاسو سنة 1974 ــ والذي نشر بعد سنة واحدة من وفاة الفنان عن 91 عاما: مدفوعا بحاجته الأساسية إلى اكتشاف كل شيء ، سقط بيكاسو فجأة في متعة التجربة والإغراء لاختراق لغز التراب والنار.وقد صنع الفنان أشكالا خزفية كلاسيكية على صورته ، ورسم وجهه على قطع خزفية شبيهة بتلك المكتشفة في المقابر الاتروسكانية ، هذه الصورة المتكاملة لحياة بيكاسو تبرز من خلال الوسيط السيراميكي الذي تقول الخبيرة مارلين ماكالي ، أنه أتاح لبيكاسو أن يرسم كل شيء ، من أسماك تسبح وثعابين تزحف على جوانب الأواني الفخارية ، وحيوانات خزفية تطارد بعضها بعضا على المزهريات.وبفضل هذا التقدير الجديد لأعمال بقيت مغمورة لوقت طويل ، يستطيع زوار المعرض أن يشاهدوا ويلمسوا بعدا جديدا من أعمال بيكاسو ، وهو الطريقة الأصلية التي اعتمدها في تشكيل روائعه الخزفية . وتقول ماكالي :- مع إن بيكاسو كان قادرا على احترام وإتباع تقاليد السيراميك المتوارثة منذ الأزمنة القديمة ، فقد كان قادرا أيضا على إعادة ابتكار هذا الوسيط ، بحماس بالغ ، وأصالة ، عن طريق الرسم والنحت في الخزف ، حسبما يريده هو.





بيكاسو ولمسات احساسه المبدعة


بقلم زمن العقيلي

كانت من مغامرات النضج الفني لدى بيكاسو الغوص في عوالم الخزف ليفسح المجال امام خياله ليحول الخزف من مفهومه العادي الى مراتب الارتقاء الفني.
حيث وهب بيكاسو للخزف لمسات من الالفة التي اندرجت تحت سطور من التزيين الفني, فقد استطاع بيكاسو الذي اعتبر صاحب الفضل في صنع النقلة النوعية في مجال الفن خلال القرن العشرين تغيير عالم الخزف الى فضاء فني يحتضن تنويعاته وابداعاته الفنية.
هذا وقد بدأت حياة بيكاسو الفنية تتصل بعالم الخزف "السيراميك" في العام 1946 حيث كان عمره انذاك ستة وخمسين عاماً عندما الف به افتتان بتلك الساحة الصغيرة من مدينة "فالوري" المخصصة للحرف اليدوية في فرنسا حيث بدأت حياته الفنية مع الخزف, وكان الخزف يمكنه من الاقتراب المباشر من توليد الاشكال عبر التجسيم الحر الذي طالما ارتبط به بيكاسو في اعماله الفنية سواء على مستوى الرسم او النحت.
وقد استخدم بيكاسو في خزفياته الطابع اليومي المألوف ليترك ارثاً خزفياً مفعما بالجمال والحرية في نفس الوقت.
ويذكر ان لبيكاسو ما يعادل الالفي قطعة خزفية, رغم قلة صفة الخزف كفن تناوله بيكاسو الا انه تمكن من الارتقاء به الى مستوى فنون العمارة والنحت.
وكانت تلك الخزفيات محور الحديث في المؤتمر الصحافي الذي عقد في المتحف الوطني الاردني للفنون الجميلة ضمن اطار التعاون ما بين السفارة الاسبانية في عمان والمتحف الوطني لافتتاح معرض خزفيات بيكاسو في المتحف الوطني والذي يعرض لاول مرة في منطقة الشرق الاوسط ويستمر لمدة شهرين ابتداء من مساء الامس, وقد حضر المؤتمر الاميرة وجدان ومدير المتحف الوطني الاردني خالد خريس والسفير الاسباني مانويل لورينثو ومدير معهد ثربانتس في عمان كارلوس بارونا ودولوريس دوران اوكار المسؤولة عن خزفيات بيكاسو في المعرض.

العوضي: بيكاسو اتّخذ الخزف وسيطاً فنياً لاكتشاف عوالم جديدة
في محاضرة سلّطت الضوء على حياته الفنية ورحلته الإبداعية


ضمن النشاط الثقافي لمركز كاظمة للفنون في نادي كاظمة الرياضي، أقام الفنان علي العوضي محاضرة فنية تحت عنوان «خزفيات بيكاسو»، بحضور جمهور من الفنانين والمُهتمين، تحدث فيها عن جانب من حياة بيكاسو، وأعماله الفنية.
وقد أشار العوضي في محاضرته، إلى أن بيكاسو ارتبط بفن الخزف منذ بداية حياته، حيث قام بزيارة بلدة «فالوري» عام 1946، وأتيحت له صدفة مشاهدة معرضها الخزفي السنوي.
لقد عاشت بلدة «فالوري» في العصر الروماني على إنتاجها الخزفي، الذي كان يتمثل في الأواني المصنوعة من الطين المتيسر وجوده في الأراضي المحيطة بها، كذلك بعض أدوات المطبخ التي كانت رديئة الصنع ولا تتحمل الاستعمال أو الطبخ.
وقد استمرت في إنتاجها هذا إلى أن ضمت ورشها إلى المصانع الخزفية التي لم يتبقَ منها سوى ورشة واحدة مزودة بفرن كهربائي، تملكها امرأة تدعى «سوزان» وزوجها «جورج راميه»، وقد تعرف بيكاسو على ورشة الزوجين، إذ دعته العائلة إلى تشكيل بعض القطع من الطين عندما شاهداه يتأمل الإنتاج ويختبر الطين بإعجاب شديد.
وقام الفنان بيكاسو فعلا، لأول مرة، بتشكيل ثلاث قطع خزفية قبل مغادرته الورشة، أبدعها على سبيل التسلية، فكانت هذه هي البداية…
وبعدها أجرى بيكاسو دراسات حافلة بالتفاصيل لتصميم إناء خزفي على هيئة «ثور»، ومن الواضح انه كان يفكر تفكيرا جادا في متطلبات «البنية الخزفية»، وهي متطلبات معقدة، وقد ساعده فيها فيما بعد «آل راميه، وكيميائي الخزف جول آغار»، ولم يشكل بيكاسو خزفا على الدولاب بنفسه أبدا، بل ترك صناعة خزفياته لحرفي «مادورا»، لكنه وضع تصاميم خاصة بعدد كبير من الأواني التي تم صنعها بمساعدة «آل راميه» وفريقهم، بالإضافة إلى تزيين الأشكال النموذجية، سواء كانت تقليدية الشكل أم تنويعات.
أسباب التحول
وعن أسباب التحول إلى فن الخزف، قال الفنان علي العوضي:
في العام 1947 باشر بيكاسو محاولة فنية جديدة لإنتاج الخزف، في الوقت الذي اتجهت فيه ممارسات الفنون التصويرية على هذا الجانب من الأطلسي نحو التجريد باطراد، وعلى نطاق يتزايد اتساعه أخذ مشروع خزفيات بيكاسو في الاتجاه المضاد، نحو ما هو مادي ونحو نطاق صغير، مسارا وهدفا لحرفة الخزف القديمة، وان الفنان البالغ من العمر آنذاك 66 عاما اتخذ الخزف وسيطا فنيا بقوة إبداعية تساوي تلك التي انكب عليها في أي حملة من الحملات الفنية السابقة.
وكان اتخاذه هذه النقلة حركة استراتيجية، حيث كان يعيش مرحلة من حياته بدأ يشعر فيها أن نظرة الجمهور إلى فنه بدأت تتبلور وتتحول إلى عقيدة جامدة، وكان الدواء المضاد لهذا الركود النقدي هو الاندفاع في اتجاه جديد كليا.
واستطرد العوضي قائلاً: هناك أسباب كثيرة تفسر لماذا ظهر هذا الاتجاه الذي اتخذه بيكاسو نحو فن الخزف، خصوصا الخزف المنزلي... هو أن خزفيات بيكاسو تم إبداعها على خلفية من ستارة المسرح العائلي، فقد كانت هناك ثلاثة أجيال - إن صح التعبير - من أطفال بيكاسو متباعدة الأعمار بنحو 30 عاما موجودة كلها على شاطئ الازور، بالأخص الطفلين «كلودا» و«وبالوما»، وهما طفلا زوجته فرانسوا المولودان في عامي 1947 و1949 على التوالي.
ولا شك أن منتج بيكاسو الواسع من الأطباق والصحاف والسلطانيات والمزهريات والأباريق والجرار، تؤلف نوعا من الخزف الذي ينتسب إلى غرفة تخزين أواني المائدة والمؤن Art of the Pantry المدموغ بهذا الطابع العائلي على المستويين الشخصي والثقافي معا، حيث إن أغلب أعمال بيكاسو الخزفية يمتلكها أفراد عائلته.
تميزت أعمال بيكاسو الفنية بحرفيتها العالية، وتعدد اتجاهاتها، ومدارسها، لاسيما أعماله الخزفية، التي شكّلت نقلة نوعية في تاريخه الفني والإبداعي، ويعود تاريخ اهتمام بيكاسو بفن الخزف إلى عام 1946، حيث قام بزيارة بلدة «فالوري».



من هنا وهناك

29‏/11‏/2008

سلسلة عشاق الخزف : شيخ الخزافين سعيد الصدر

سعيد حامد الصدر





أحياه - الخزف - بعد ثلاثة قرون من التجاهل

سعيد الصدر أبو الخزف الحديث

القاهرة د. أحمد الأبحر:


كان فن الخزف العربي من مباهج أوروبا في القرون الوسطى، وشهدت مصر الفاطمية وبلاد الرافدين مرحلة ازدهار هذا الفن، طار صيتها إلى كل هواة التحف في العالم، أعطت لفن الخزف تكوينات جديدة مستلهمة من الأواني الإسلامية، وأضافت لونا جديدا من الزخرفة في التوريق وصور الحيوان والنبات، وحيوية النغمات التي يبعثها الخط العربي على هذه الأواني.فوق هذا أضافت لصناعة الخزف اكتشافا جديدا يسمى “الخزف ذو البريق المعدني” الذي وفر على أوروبا استخدام الذهب والفضة في تلوين الأواني الخزفية، وأعطى حرية واسعة للفنان في تعدد الدرجات اللونية.ومن هذا الينبوع الغزير استلهم الفنان سعيد الصدر تجاربه الأولى ليبعث الحياة مرة أخرى في هذا التراث بعد أن أعطاه عذوبة الشكل وخلصه من بدائية الصنعة وغلظة الأشكال، ووضع تجربته هذه في مئات الأواني البديعة التي شهدتها معارض مصر والعالم طوال خمسين عاما، سجل فيها هذه الاكتشافات في كتب ودراسات كثيرة استفاد منها تلامذته ومريدوه.وسعيد الصدر مصور فوتوغرافي، ومصور بالألوان المائية، ونحات، وعازف كمان، وكاتب ولكن اسمه سيظل في دوائر المعارف وقواميس الفن مرتبطا بفن الآنية الخزفية المصرية الحديثة.وهذا الفن ارتبط به اسم سعيد الصدر، في مصر منذ سنة 1931 على وجه التحديد، حينما عاد من لندن ليسهم في حركة الإحياء الفني الكبرى التي بدأها محمود مختار قبل ذلك، عاد الصدر ليوقظ فن الخزف المصري من سبات يرجع إلى عدة قرون .


بداية الطريق

تبدأ قصة الفن مع سعيد الصدر منذ أيام الطفولة، فقد ولد في الثالث عشر من يناير سنة 1909 في منزل بحي الجمالية بالقاهرة، بين أسرة من أصول شامية، فجده لوالدته سوري من حلب، وجده لوالده، من طولكرم.وفي أزقة حي الأزهر والحسين شب “سعيد الصدر” محاطا بمظاهر الاحتفالات الدينية والآثار الإسلامية والمقاهي والمحلات الشعبية التي تتفجر بالحيوية والأصالة في ذلك الحي العريق، وفي سن الثامنة تعلم هواية التصوير الفوتوغرافي من والده (اللعبة الجديدة في هذه الأيام التي اجتذبت الكثير من المثقفين)، كما تعلم من المصور يوسف كامل “صديق والده” أصول الرسم بألوان “الباستيل”، مما دفع والده لتعليق إحدى لوحاته على الجدار بعد أن نالت إعجابه.كان حامد أفندي الصدر، والد سعيد محبا للأطفال بوجه عام فقد أنجب ثمانية: خمسة ذكور وثلاث إناث، ويحمل الطفل سعيد الترتيب الثاني في هذه السلسلة. وكان حامد أفندي رقيقا مهذبا متفتح الذهن، يوجه أولاده جميعا إلى التعليم فليس بينهم من لم يصل بدراسته إلى منتهاها في وقت لم يكن فيه الاهتمام بالتعليم قد بلغ هذه الدرجة التي نراها اليوم.وبعد أن انتقل بيت العائلة من حي الأزهر إلى حي السكاكيني سنة 1917 اعتاد الأب أن يصحب الابن إلى قاعات العروض الفنية التي تنظمها جمعية محبي الفنون الجميلة، أو إلى قاعات خاصة بشارع إبراهيم باشا، كل هذا أكسب الطفل سعيد الصدر خبرات فنية في إبداع الألوان والتفريق بين درجاتها مع مراعاة التآلفات والتباينات الدقيقة، كما زودته بالقدرة على ابتكار النظم اللونية الفاتنة التي نراها على خزفياته كما أكسبته القدرة على الإحساس بالاستقرار والتوازن بين الكتلة والفراغ.وفي عام 1924 التحق سعيد الصدر بمدرسة الفنون والزخارف حيث درس الزخارف العربية والإسلامية بالإضافة إلى دراسة الطبيعة الحية والتجارة وتاريخ الفن إلى جانب زخرفة الأثاث والحفر على الخشب، وفي عام 1927 تولي إدارة المدرسة “جون إدني”، المهندس والمزخرف والمصور، وأعد خطة لإنشاء أقسام جديدة لفنون الزجاج والحديد والخزف عن طريق إرسال بعثات من الخريجين إلى أوروبا ليتخصصوا في كل هذه الفروع.وفي عام 1928 أنهى سعيد الصدر سنواته الأربع بمدرسة الفنون والزخارف وكان ترتيبه الأول كالعادة مما أهله للسفر إلى انجلترا لدراسة فن الخزف .


وضوح الرؤية

في مطلع يناير/ كانون الثاني سنة 1929 وصل سعيد الصدر إلى لندن حاملا آماله العريضة وأحلامه الوردية لتعلم فن الخزف ولكنه صدم حينما ألحقوه بمدرسة صغيرة بجوار لندن لا يرقى مستواها الأكاديمي عما درسه بمصر، فرفض هذه المدرسة وطلب تحويله إلى معهد “كمبرويل” حسب توصية “جون إدني”، ناظر مدرسة الفنون والزخارف بالقاهرة، ونجح سعيد الصدر في تحديد المنطلق الذي يبدأ منه في انجلترا، وهناك قضى عامين كاملين في العمل الجاد بذلك المعهد، يعمل اثنتي عشرة ساعة يوميا طوال خمسة أيام في الأسبوع أما السبت والأحد فيقضيهما بين المتاحف والمعارض ومراكز الندوات الثقافية والمحاضرات بالإضافة إلى ممارسة الرسم والتصوير الفوتوغرافي، وفي المساء إلى قاعات الموسيقا حيث يمتع روحه بالسيمفونيات الكلاسيكية.كما التحق بورشة “برنارد ليتش”، أبو الخزف الإنجليزي، على نفقته الخاصة، وقد حرص الصدر أن ينضم إلى تلاميذ “ليتش” إذ كان متطلعا إلى أهداف رفيعة يود أن يحققها في أقصر وقت ليعود إلى أرض الوطن بحصيلة من العلم والتجربة تمكنه من أن يبدأ مسيرة الخزف المصري.فقد كانت شخصية “ليتش” محببة وجذابة، شأن كبار الفنانين، بدأ حياته الخزفية في الشرق الأقصى، فدرس فنون الصين واليابان ووضع عدة مراجع عن فن الخزف، وكان سعيد الصدر مبهورا بشخصية ذلك الأستاذ الساحر، فاختلس النظر إلى طريقة إبداعه وحاول أن يقلده، الأمر الذي أفزع الأستاذ وأثار غضبه وقال له لا تقلدني تقليدا أعمى، اذهب إلى فنونكم وانظر إليها من جذورها، اذهب إلى المتحف الإسلامي وتأمل ما فيه من روائع.تلك كانت البداية لاكتشاف الصدر حقيقة الخزف الإسلامي بعد أن طمسه الظلام العثماني منذ ثلاثة قرون، فقد تبين لسعيد الصدر كيف عبر الفنان المسلم عن خلود الروح والتصوف والسمو والتغلب على مادية المادة وكيف تحول الطين بين يدي الخزاف المسلم، إلى ذهب وفضة ونحاس وبرونز ومعادن لم ترها عين من قبل، حين استطاع أن يكسوها بألوانها المعدنية، فقد درس الصدر الخزف الإسلامي وأساليبه المائة والخمسين بالإضافة إلى أسرار اللمسة اللونية الزخرفية والتي انعكست على أواني الصدر.وكانت المرة الأولى والأخيرة التي قلد فيها الصدر فنانا آخر، فقد أصبح “ليتش” صاحب الأثر العميق في حياة “سعيد الصدر” علما وعملا وأسلوبا، وظلت علاقته بأستاذه متصلة حتى بعد عودته للقاهرة وعمله أستاذا بكلية الفنون التطبيقية، يرسل له تقارير عن تجاربه وأبحاثه، فقد حرص “الصدر” منذ يومه الأول في “معهد كيمبرويل” على تدوين المذكرات التفصيلية عن الأبحاث والتجارب وكل ما يتعلق بالعملية الإبداعية، ساعده في ما بعد في وضع سبعة مؤلفات في فن الخزف، بالإضافة إلى ترجمة لكتاب مرجعي بعنوان “الخزفيات للفنان” لمؤلفه ف. ه، نورتن الإنجليزي استغرق عاماً ونصف العام من الجهد المتواصل، ومن مؤلفاته أيضا: “المعارف العمومية” سنة ،1948 و”الخزف والأشغال اليدوية” و”الخزف والاشتراكية” الذي ضمنه تجربته في مركز الخزف الذي كلفته وزارة الثقافة بإنشائه والإشراف عليه سنة ،1960 وهو المركز الذي أقيم بين أطلال الفسطاط وظل يشع تعاليم “الصدر” بين صبية الفخزانية هناك طوال ثلاث سنوات، كما أصدر كتاب “الفن التطبيقي في مصر” وهو يتناول فنونا أخرى مع فن الخزف، ثم “الخزف والألوان المعدنية”.


صاحب الرسالة

إن ما أسهم به “سعيد الصدر” في فن الخزف، ليس إحياء محليا بل إضافة عالمية إنسانية، وإدراكه لهذه الحقيقة حفظ عليه حماسه واستمراره عشرات السنين، فهو يشعر دائما بأنه صاحب رسالة للقرن العشرين عليه أن ينجزها.فقد فاز بالجائزة الأولى على خزافي العالم في المعرض الذي أقامته المنظمة الدولية للخزف في مدينة “كان” بفرنسا سنة ،1952 وبالجائزة الأولى والميدالية الذهبية على خزافي العالم مرة أخرى في المعرض الذي أقامته نفس المنظمة في براغ عاصمة تشيكوسلوفاكيا سنة 1962.كما سافر إلى كانيبرا بأستراليا ليدرس لطلبتها برنامجا عن خزف الشرق الأوسط في العام الدراسي 73-74 وقد هيأوا له أثناء هذه الفترة ورشة خاصة مجهزة بالخامات والأدوات والمعدات يجري فيها تجاربه ويبدع أوانيه الجديدة.ومهما طال الزمن ومهما تقدمت الصناعة والتكنولوجيا سيبقى ذلك الحد الفاصل بين الجمال الآلي والجمال اليدوي، بين فن الكمبيوتر وفن الإنسان، بين فن القطعة الواحدة، وفن الإنتاج العريض.سيبقى دائماً هذا الفارق بين خزف القوالب وأفران الكهرباء والخزف الإبداعي الذي يولد بين راحتي الفنان “سعيد الصدر”، أو غيره من خزافي العالم قديماً وحديثاً.



_-_-_-_-_-_-_-_- -_-_-_-_-_-_-_-_-_- _-_-_-_-_-_-_-_-_-



سيرته الذاتية

فنان تشكيلى لقب بعدد من الألقاب مثل شيخ الخزافين ـ ساحر الأوانى.

ولد في 13 يناير عام 1909، بحي الجمالية
المؤهلات العلمية: - التحق بمدرسة السلحدار الابتدائية عام 1918. - التحق بمدرسة فاروق الثانوية عام 1922. - التحق بمدرسة الفنون والزخارف بالحمزاوى عام 1924. - حصل على دبلوم أساتذة الرسم من مدرسة كمبرول بلندن 1931. - تتلمذ على يد أستاذ الخزف برنارد ليتش فى لندن. ‏
التدرج الوظيفى: - مدرس للرسم بمدرسة أسوان الصناعية عام 1928. - مدرس للخزف بمدرسة الفنون التطبيقية عام 1931. - انتدب للتفتيش على أقسام الخزف بالمعاهد الفنية عام 1940. - انتدب لتدريس الخزف لمدرسى التربية الفنية عام 1950. - انتدب للتدريس لأعضاء البعثة السودانية عام 1951. - انتدب للتدريس فى كلية المعلمين عام 1957. - انتدب للتدريس فى كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية عام 1958. - عمل وكيلا ثم عميدا لكلية الفنون التطبيقية فى الفترة من عام 1960 إلى 1965. - انتدب للتدريس فى الجامعة الأمريكية عام 1966.
الهيئات التى ينتمى إليها: - عضو مجلس إدارة البحوث والمشروعات التابعة لوزارة التعليم. - عضو لجنة المقتنيات للفنون التشكيلية بوزارة الثقافة. - عضو لجنة التفرغ بوزارة الثقافة. - عضو خارجى فى مجلس إدارة كلية الفنون التطبيقية. - عضو مجلس إدارة جمعية محبى الفنون الجميلة. - عضو زميل فى الأكاديمية الدولية بمدينة جنيف بسويسرا. - عضو لجنة الفنون التشكيلية بالمجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية.
أعماله الفنية: - قام بإنشاء متحف الفن التطبيقى بكلية الفنون التطبيقية بالقاهرة عام 1940. - إنشاء مركز الفخار والخزف التابع لوزارة الثقافة فى مدينـة الفسطاط القديمة لتنمية مواهب الفنانين الشعبيين المشتغلين بهذا الفن عام 1960. - إنشاء قسم الخزف بكلية الفنون الجميلة بالإسكندرية. - بناء العديد من أفران إنضاج الخزف من بينها أول فرن تشغيل بالكهرباء. - ترميم القصور الأثرية "القلعة والمانسترلى وشبرا". - ترميم قصر الجوهرة، واستنقرق منه تسع سنوات من العمل المتواصل. - أعـد لوحات النحت بمدخلى حديقة الحيوان بالجيزة هيئة التصنيع بالقاهرة. - أنشأ أستوديو خاص به لفن الخزف بمصر القديمة فى عام 1965. - كما أشرف على الدراسات العليا فى مادة الخزف بكلية الفنون التطبيقية للماجستير والدكتوراه. - يقتنى أعماله عدد كبير من المتاحف المحلية والخارجية كمتحف الفن الحديث، ومتحف محمد محمود خليل والمتحف الزراعى بمصر ، كمـا توجد له أعمال فى متاحف إيطاليا، وتشيكوسلوفاكيا، وروسيا، وأستراليا.
المؤتمرات التى شارك فيها: - مثل مصر فى المؤتمرات والمعارض الدولية التى أقيمت فى كل من: إنجلترا، الصين، بلجيكا، إيطاليا، بلغاريا، تشيكوسلوفاكيا، ألمانيا، هولندا، روسيا، اليابان، الهند. - سافر إلى أستراليا حيث أقام معرضين لمنتجاته الخزفية بمدينة سيـدنى عام 1974.
مؤلفاته العلمية: - الخزف، عام 1948. - الخزف والأشغال اليدوية، عام 1950. - مدينة الفخار، عام 1960. - الخزف والاشتراكية، عام 1962. - مائة سؤال وإجاباتها عن الخزف، عام 1968. - أنا وابنتى، عام 1975. - الألوان المعدنية فى العصر الإسلامى، عام 1976. - خزفيات الفسطاط "بالإنجليزية". له أكثر من عشرين بحثًا نشر تباعا ابتداء من 1969 بمجلة منبر الإسلام.
الجوائز والأوسمة: - دبلوم من المعرض الدولى بباريس، عام 1931. - دبلوم مع مرتبة الشرف من الأكاديمية الدولية بجنيف، عام 1953. - دبلوم مع مرتبة الشرف من معرض الفنون التطبيقية فى إيطاليا، عام 1950. - شهادة تقدير من المهرجان الآسيوى ـ الأفريقى، عام 1956. - الميدالية الذهبية، الجائزة الأولى من تشيكوسلوفاكيا، عام 1962. - شهادة تقدير من جمعية محبى الفنون الجميلة بالقاهرة، عام 1963. - دبلوم من المعرض الدولى لفن الخزف من إيطاليا، عام 1966. - جائزة الدولة التقديرية فى الفنون من المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، عام 1979.



_-_-_-_-_-_-_-_-_- -_-_-_-_-_-_-_-_-_- _-_-_-_-_-_-_-_-_-



حول رؤية الفنان

- كان الصدر ينشر العلم والجمال حوله أينما ذهب ولم يبخل بشئ على تلاميذه وحوارييه لكنه لم يستطع أن يمنح أحد العبقرية التى لا يهبها إلا الله ، إن المعرفة وحدها لاتكفى لامتلاك ناصية الإبداع مهما أنعم الله على الفنان من موهبة إذ عليه ان يتأسى بحياة الصدر وكيف خاض طريق الآلام وواصل الليل بالنهار حتى اكتسب المهارات الضرورية وسيطر على أدواته من خامات وافران والقرص الدوار الذى بدونه لاتكون الأوانى ، وقد علم الصدر منذ وضع قدميه على الجزر البريطانية سنة 1929 - أنه يجب عليه أن يتدرب عليه يوميا، كما يتدرب الموسيقيون على الآتهم والشعراء والأدباء على وسائل إبداعهم .- كان حين يجلس إلى القرص الدوار - أو الحجر كما يسميه أهل الصنعة - كأنه عواد يحتضن أوتاره ويذوب معها بكل خياله وكيانه العصبى والنفسى والوجدانى ، لو أننا تأملنا يديه وهما تشكلان كتلة الصلصال ، لآمنا إيمان الرؤية بأن الإنسان خلق من طين فالصلصال يتحول بين راحتيه وأصابعه إلى كائن حى ينبض ويتحرك ويتشكل ويوشك أن ينطق ولو راقبنا قدميه تدفعان القرص الأسفل فى توافق مثير مع اليدين لرأينا معزوفة موسيقية وأدركنا أن الموسيقى فن يرى ، كان يردد دائما :( إن فنان الآنية بعد أن يتحلى بنعمة الموهبة ، عليه أن يحصل العلم ويجرى التجارب ، ويدون القراءات ويسجل الملاحظات ويراقب النيران ويدرس هندسة الأفران وأنواع الطينات والألوان ومختلف الأساليب التراثية : المحلية والعالمية ، ويهب حياته للفن الذى كتب عليه أن يخوض بحاره هكذا ضرب المثل منذ أرسلته الدولة فى بعثة الى لندن طوال أربع سنوات أنهاها فى ثلاث فقط . كان خلالها يستورد الطين الأسوانى من مصر حتى يعلم خامات بلاده ويتعرف على إمكاناتها وخصائصها ، كلما أنهى تجربة أرسل نتائجها من لندن الى مصلحة الكيماء بالقاهرة، لتضع عنها تقريرا فنياً يسترشد به فى تجاربه التالية وحين ألحوا عليه فى لندن أن يستمر سنة رابعة ، رفض وآثر أن يعود أدراجه الى أرض الوطن ليبدأ البعث العظيم ، و يشعل النور فى عالم الآنية الفنية الجمالية المنزهة عن الغرض . وما لبثت تعاليمه أن ذاعت فى ربوع العالم العربى وتحول الى فن متاحف و معارض محلية ودولية ، بعد أن كان مجرد استنساخ للقوالب الفرنسية ، أو النقل الرخيص للزخارف العربية البسيطة فى مصنع سورناجا ، أو مصنع الهدى فيما بعد ، الذى كان يكتفى بزخرفة أوانى الفخار التى يجلبها من المصنع اليونانى المجاور فى حى روض الفرج .- كان الصدر ضمن اللجنة التى قررت حوالى عام 1933، عدم جدوى مصنع الهدى و نصحت بهدمه .- حاولت هدى شعراوى ان تسند اليه إدارة مصنعها بمجرد عودته من الخارج ، لكنه رفض شروطها المقيدة لحريته وعدم استجابتها للتعديلات الفنية الضرورية التى اقترحها ، وإصرارها على الطابع التجارى للإنتاج بوصفها صاحبة رأس المال . هكذا رفض الوضع المتدنى لفن الآنية الخزفية وبدأ المسيرة وحيداً بلا كلل أو ملل ، مستنداً إلى علمه و موهبته وشبابه و جسده القوى .كان يسكن حى السكاكينى بالقاهرة فى مطلع حياته الزوجية يترك فراشه الدافئ فى عز الشتاء قرابة العشرة كيلومترات، حتى يصل الى مدرسة الفنون التطبيقية بالجيزة،حيث يتابع أوانيه وهى تنضج داخل الأفران التى صممها وأقامها هناك ، ما لبث ان اكتسب حاسة خاصة بالموهوبين من الخزافين ، يستطيع بها أن يدرك ساعة النضج وموعد إخماد النيران والوقت المناسب لفتح الأفران . عاش يحلم بحركة فنية جمالية، تخرج بفن الآنية عن الاستخدام المادى التطبيقى ، كأداة لعرض الزهور أو حفظ الطعام والشراب .- أراد أن يبث روح الجمال ويشيعها فى فن الآنية فأهاب بوزارة الثقافة أن تنشئ مركزاً للخزف فى قلب مدينة الفسطاط القديمة وبين أطلالها التى عاصرت أمجاد (سعد ومسلم وشيوخ الصنعة) استهدف المتعة الجمالية وتلبية احتياج الانسان المصرى والعربى إلى الروح الشرقية التى تشبع النزوع الفكرى إلى النكهة المحلية والحداثة والإنتماء ، قام المركز كالمنارة بين الفواخير التقليدية والقمائن التى تزود الجماهير بالقلل والأباريق والأزيار والمواجير والمواسير ، بين هؤلاء الحرفيين الذين ورثوا سر الصنعة عن الآباء والأجداد منذ مئات السنين كان سعيداً بصحبتهم واستشاروه فى كل صغيرة وكبيرة كما تعلم منهم أسرار الأفران الشعبية العملاقة المعروفة بالقمائن ، التف حوله شباب الفخرانية من أبناء هؤلاء المعلمين وبدأت تنتشر اللمسات الفنية على بعض الأوانى الشعبية هناك منذ عام 1964 وبدأ الاستاذ أعظم تجاربه على البريق المعدنى حتى وصل به الى مستويات رفيعة وتعتبر تلك السنوات اكثر مراحل حياته خصوبة وإبداعأًلكى نقترب من القيمة التاريخية للإجازات الفنية لسعيد الصدر نبدأ باضافته للتراث الإسلامى الخزفى الذى هز العالم بزخارفه وألوانه وبريقه المعدنى وأساليبه التنفيذية التى زادت على المائة والخمسين أسلوبا معظمها مازال أسراراً مدفونة تنتظر الباحثين أصحاب الرسالات العلمية من الماجستير والدكتوراه لينسجوا على منوال العبقرى الراحل الذى أزاح الستار عن عشرة فى المائة فقط من تلك الأساليب أثناء مشوار حياته وابتكر بدوره أساليب جديدة غير مسبوقة منها الزخرفة بالبريق المعدنى على خلفية فيروزى أو خلفية سوداء كما سبقت الإشارة ، ومن الجدير بالتأكيد أنه لم يستخدم فى إبداعه المستمر من البداية للنهاية سوى الخامات المحلية المستخرجة من أرض بلادنا متغاضيا تماماً عن الخامات المستوردة مما يشكل بعداً هاماً فى النكهة المحلية الجمالية التى تكسو أوانيه لم يستخدم خامات غير محلية سوى فترات قصيرة أثناء دراسته فى لندن وكان عمره لا يتجاوز التاسعة عشرة إلا حين كان يتأخر وصول الطين الأسوانى من مصر - لا توجد فى متاحف العالم آنية فنية ثانية سوداء بالبريق المعدنى عن طريق الاختزال ، وأسلوب سعيد الصدر فى فن الآنية الخزفية والبريق المعدنى هو أول أسلوب مصرى إسلامى معاصر ظهر بعد قرون الظلام الطويلة منذ غزو العثمانيين لبلادنا والقضاء على الحركة الفنية التى كانت مزدهرة وشحن الحرفيين والفنانين الى اسطنبول وتوقف خمسين حرفة على الفور من بينها فن الآنية الخزفية بعد إخماد نيران أفران الفسطاط وإستيراد ترابيع القيشانى من مصانع كوتاهية بتركيا .- بدأ الصدر أولى تجاربه على البريق المعدنى فى معهد كمبرويل أثناء بعثته الى إنجلترا كنوع من الاجتهاد الشخصى لا علاقة له بالدراسة الرسمية ، قراءته المتشعبة وجولاته فى المتاحف علقت أنفاسه بذلك الأسلوب الإسلامى الساحر الذى يترجم شيئا من جوهر الدين الحنيف لم تكن أفران معهد كمبرويل الثلاثة معدة لإنجاز عمليات اختزال ، حاول حينذاك ترشيد أدائها ، حتى يناسب الهدف الذى يسعى الى تحقيقه صنع إناءً فخارياً طويل العنق تنتظم على جسمه الثقوب ، أدخله فى الفرن مع الآوانى ذات الطلاءات المعدنية مع الاحتفاظ بالفوهة خارج الباب ، عندما بلغت الحرارة درجة الاختزال أسقط فى الفوهة كمية من نشارة الخشب تسرب دخانها من الثقوب الى داخل الفرن وتحقق الاختزال ونجحت أول تجاربه فمضى ينميها ويطورها ويدرسها نظريا ، بدأ من يومها تدوين مذكراته وما زال يتابعها حتى أخر أيامه وهى محفوظة داخل حقيبة خاصة فى بيته الذى يقطنه بشارع الدقى بالقاهرة تنتظر الباحثين الجادين الراغبين فى استئناف المسيرة .عشرات الكراسات تضم بين دفاتها كنزا من المعارف الجديدة تنتظر النشر بواسطة هيئة ثقافية واعية بدورها الحضارى الإنسانى وبدور العبقرى الذى عاش بيننا وأضاف الى فن الآنية العالمى مزيداً من الأشكال الجمالية والمضامين الروحية من أروع نماذج البريق المعدنى: آنية على شكل زجاجة قطرها أربعون سنتيمترا وارتفعها بالعنق يناهز السبعين أبدعها على القرص الدوار بعد انضاجها وتحويلها الى فخار كساها باللون الأسود ثم الطلاء شفاف قلوى القاعدة أحرقها بعدئذ فى درجة حرارة قدرها الف مئوية ثم أعد مزيجاً من أكسيد النحاس رسم به التصميمات والزخارف المناسبة فوق الطلاء الزجاجى القلوى وضعها فى الفرن للمرة الثالثة فى درجة حرارة هادئة قدرها 650 مئوية ليتم الاختزال ثم غسلها جيدا بالماء بعد اخراجها فاكتمل بهاؤها الى هذا الحد المذهل غير المسبوق فى تاريخ فن الآنية الخزفية .- تمكن الصدر باضافاته الى أساليب البريق المعدنى من الحصول على قيم جمالية وتعميق المضمون الإنسانى والاتجاه بالآنية الى آفاق أكثر درامية فإذا نظرنا الى البريق النحاسى على أرضية نشعر بجدية الحياة وصلابتها لو لم يكن سعيد الصدر رائدا لفن الآنية وتكنولوجيا الخزف الحديث لكان رائدا لفن لرسم والتلوين المائى والزيتى لكنه انصرف الى فن الآنية الخزفية قرابة النصف قرن من الزمان حتى نال المرض من جسده القوى المتين وأقعده عن العمل على الدولاب الدوار الذى هو سداة هذا الفن ولحمته لأن الآنية فى رأيه فورم فى التحليل النهائى ، ولا فورم بلا دولاب دوار يديره الفنان بيديه وقدميه وعقله وجسده وبكل كيانه النفسى والوجدانى حين غشيه المرض سنة 1981 وفقدت يده اليسرى كفاءتها، استيقظت فى داخله موهبته القديمة التى استهل بها حياته بعد تخرجه فى مدرسة الفنون بعد تخرجه فى مدرسة الفنون والزخارف بالحمزواى سنة 1929 عمل مدرساً فى مدرسة بمدينة أسوان ، حينذاك كان يقضى أوقات فراغه جميعا رساماً ملوناً على شاطئ النيل هكذا عاد الى الرسم والتلوين الزيتى فى أواخر أيامه من حيث انتهى الآخرون وكانت اللوحات الستون التى عرضها قبيل رحيله عن دنيانا تصور شريط ذكرياته عن الحياة الشعبية فى حى الأزهر وسيدنا الحسين والجمالية حيث ولد ونشأ وترعرع وطالما راقب فى طفولته الباكرة زيارات يوسف كامل - رائد فن الرسم والتلوين - لوالده حامد أفندى الصدر الذى كان يهوى التصوير الفوتوغرافى ويعير بعض المناظر لصديقه ليعيد تلوينها بالزيت أو الباستيل .عاش سعيد الصدر بعبقريته حياة مفعمة بالتحصيل والتفكير والإبداع حتى أصبح بحق واحداً من رواد الجيل الأول للحركة الفنية التشكيلية الحديثة يقف كتفا بكتف مع صاحب نصب نهضة مصر من حيث أن كلا منهما قد أحيا فنا عظيما بعد غياب طويل .


الناقد / مختار العطار
من هنا وهناك

مقالة عن تاريخ فن الخزف







تــاريخ فـن الخـزف

مزهريات، أكواب، أواني لإعداد الطعام، أطباق لتقديم الفاكهة، بلاطات من الفخار مطلية بألوان مبهجة مصنوع منها منضدة تتوسط غرفة المعيشة، كلها أشياء من الفخار تزين منزلي أستمتع بها وأشعر بسعادة وأنا أستخدمها. في مرحلة الطفولة كانت لي محاولات في التعامل مع هذه المادة وهي خام؛ لصنع أكواب أو ألعاب بيدي، ومن الواضح أن تلك المحاولات البسيطة تركت داخلي حبًّا لهذه المادة بأشكالها المختلفة، سواء أكان الفخار مطليًّا أم غير مطلي، سواء أكان للاستخدام أو لتجميل المكان الذي أعمل به أو أعيش فيه.
كنت أبحث عن مصدر أحصل منه على الطينة التي تصنع منها الأواني الفخارية؛ وذلك لرغبتي في أن تتعرف أنامل ابني على تلك المادة في محاولة لتنمية مهاراته ومساعدته على اكتشاف عالم جديد قد يستهويه ويجد نفسه من خلاله.. فعلمت أنه عليَّ الذهاب إلى منطقة الفسطاط بمصر القديمة بالقاهرة للحصول على هذه المادة؛ لأنه مكان (أتيليهات ) ورش الخزافين الفنانين والحرفيين، وهناك سأحصل على ما أريد.. بالفعل ذهبت وهناك استوقفني مبنى جميل وكبير عرفت لاحقًا أنه مركز الفسطاط للخزف، مركز حرفي تعليمي وفني للخزافين الفنانين والحرفيين تابع للمركز القومي للفنون التشكيلية تَمَّ الانتهاء من المرحلة الأولى منه على مساحة حوالي 2400 متر مربع، مبنى كبير به مجموعة من الورش والأفران وقاعات العرض ومراسم لإقامة الفنانين الأجانب والمصريين، وقد أفادني المهندس جمال عامر – مصمم ومنفذ المشروع أن تم اختيار هذا المكان تحديدًا؛ لأنه نفس مكان أتيليه الفنان سعيد الصدر رائد فن الخزف المصري الحديث، الذي خَرَجَ منه خَزَّافون رائعون أمثال محمد مندور ونبيل درويش ومحيي الدين حسين وغيرهم. خرجت من المكان بعد أن حصلت على ما أحتاجه من طينة، ولكن انتابتني رغبة شديدة في معرفة المزيد عن تاريخ هذا الفن الجميل.
فتوجهت لِمُتْحف فن الخزف الإسلامي الذي أبهرني جمال عمارته الإسلامية؛ حيث تتنفس روائع التحف الخزفية في بيئة معمارية هي نتاج نفس الحضارة. فالمتحف يضم مجموعة من المنتجات التي كشفت عنها الحفائر في العديد من البلاد الإسلامية التي امتازت بتنوع أشكالها وأساليب صناعتها وطرق زخرفتها، فهناك صالة لعرض الطراز الفاطمي، وصالة خاصة بالعصور: المملوكي والأموي والأيوبي، وأخرى لعرض الطراز التركي والإيراني والسوري وباقي الطرز.. وهناك حقيقة مؤداها أن إنجازات مُبْدعي الخزف المسلمين تحتل مكانة مرموقة في مجال صناعة الخزف.. حيث تضاهي في عظمتها ورونقها أفضل القطع الخزفية في العالم.. هذه الزيارة أمتعتني، ولكنها لم تشبع رغبتي في المعرفة عن هذا الفن؛ فتوجهت لمكتبة مُتحف الفن الإسلامي واطَّلَعْت على مجموعة كتب أعتقد أنها أكملت الصورة لدي عن هذا الموضوع، فقرأت في كتاب معنى الفن لهربرت ريد عن تعريف صناعة الفخار أنها أبسط الفنون جميعًا وأكثرها صعوبة في آن واحد. هي أبسط الفنون؛ لأنها أكثر أولية، وهي أكثر الفنون صعوبة؛ لأنها أكثر تجريدًا. وصناعة الفخار من الناحية التاريخية، من بين أوائل الفنون التي ظهرت على الأرض. فقد صنعت أقدم الأواني بالأيدي من الطين الخام المستخرج من الأرض، كانت مثل هذه الأواني تجفف في الشمس والهواء، وحتى في المرحلة التي سبقت قدرة الإنسان على الكتابة كان يملك هذا الفن، وما زال بإمكان الأواني التي صنعت في ذلك الزمن أن تحركنا بشكلها المؤثر. وحينما اكتشفت النار وتعلم الإنسان أن يجعل أوعيته أكثر صلابة وقدرة على البقاء، وحينما اخترعت العجلة، واستطاع صانع الفخار أن يضيف الإيقاع والحركة المتصاعدة إلى تصوراته عن الشكل. حينئذ تواجدت – أو توافرت – كل الأسس اللازمة لهذا الفن الأكثر تجريدًا. لقد نشأ وتطور من أصوله الوضعية، حتى أصبح في القرن الخامس قبل الميلاد، الفن الممثل لأكثر الأجناس التي عرفها العالم من قبل ثقافة وحساسية. فالزهرية اليونانية نموذج للتناغم الكلاسيكي، وحينئذ قامت حضارة ناحية الشرق، فجعلت من صناعة الفخار فنها الأثير والأكثر تعبيرًا عنها، بل استطاعوا أن يدفعوا بهذا الفن إلى صور أندر نقاء مما استطاع الإغريق أن يحققوه. فالزهرية اليونانية تمثل تناغمًا جامدًا (استاتيكيًّا)، أما الزهرية الصينية - حينما تتحرر من التأثيرات المفروضة للثقافات الأخرى والأساليب الفنية المخالفة، فقد حققت تناغمًا متحركًا (ديناميكيًّا) أنها ليست شيئًا خزفيًّا، وإنما هي زهرة حقيقية.
وأيضًا قرأت في كتاب تاريخ العمارة والفنون الإسلامية للأستاذ توفيق أحمد عبد الجواد أنه لم يكن للخزف قيمة تذكر في العصور القديمة قبل الإسلام، وذلك بسبب استخدام المسئولين على رعاية الفنون للأواني المعدنية من الذهب والفضة، وبالتالي لم يهتموا بالأواني التي تصنع من الفخار، ولما جاء الإسلام حَرَّم البذخ والتغالي في استعمالات أدوات الزينة والأواني المصنوعة من الذهب والفضة، مما كان لهذا التحريم أطيب الأثر في العناية بصناعة الخزف وابتكار أنواع جديدة؛ لتحل محل الأواني المعدنية. فظهر لأول مرة الخزف ذو الزخارف البارزة تحت طلاء مذهب الذي يعتبر التجربة الأولى لابتكار الزخرفة بالطلاء ذي البريق المعدني في البصرة بالعراق في القرن التاسع الميلادي، الذي يُعَدُّ ابتكارًا إسلاميًّا خالصًا غير مسبوق في الحضارات السابقة على الإسلام، ولم يتوصل له الصينيون بالرغم من عُلُوِّ شأنهم في مجال صناعة الخزف والبورسلين. وانتقل الخزف العربي من مرحلة تقليد الخزف الصيني إلى مرحلة الابتكار وإبراز الشخصية الفنية العربية، وانتشر هذا النوع الجديد من الفن الخزفي بين العراق موطنه الأصلي إلى مصر حينما دخلها أحمد بن طولون، ووصلت صناعته إلى درجة ممتازة من الرقي في العصر الفاطمي.
وتعرض لنا أواني الخزف الفاطمي لوحات رسومات أشخاص وطيور وحيوانات، وزخارف نباتية وهندسية، وكتابات بالخط الكوفي الجميل، فضلاً عن مناظر للرقص والموسيقى والصيد، ومناظر من الحياة اليومية الاجتماعية كالمبارزة بالعصي – التحطيب – والمصارعة ومناقرة الديوك وغيرها. وقد سجل الرَّحالة الفارسي ناصري خسرو، الذي زار القاهرة أيام الخليفة المنتصر بالله ما يأتي:
"يصنعون بمصر الفخار من كل نوع، لطيف وشفاف، حتى أنه يمكن أن ترى باطن الإناء باليد الموضوعة خلفه، وكانت تصنع بمصر الفناجين والقدور والبراني والصحون والأواني الأخرى وتزين بألوان تشبه النسيج المعروف باسم البوقلمون، وهو نسيج تتغير ألوانه باختلاف سقوط الضوء عليه". ونجد في كنائس مدينة بيزا بإيطاليا أطباقًا من الخزف القاهري ذي البريق المعدني حملها معهم بعض السائحين إلى مصر، وثبتوها على حوائط الكنائس اعتزازًا بها كلوحات وتحف فنية جميلة.
ثم أصيبت هذه الصناعة بنكسة عندما احترقت مصانع الخزف في الفسطاط، حينما أغار عليها الصليبيون. وبسقوط الدولة الفاطمية وظهور الدولة الأيوبية التي حاربت المذهب الشيعي، السبب الذي من أجله رحل الكثير من الفنانين والخزافين إلى إيران، حيث ظهر هذا الفن الجديد، فن صناعة الخزف في أواخر القرن السادس الهجري.
وفي العصر الأيوبي اهتمت الدولة الإسلامية بهذه الصناعة، وظهر نوع جديد منها، عرف باسم الخزف الأيوبي، الذي امتاز برقة الطينة وجمال التزجيج، له أرضية خضراء وزخارف سوداء ورسومات بديعة لأنواع نباتية يتخللها أشكال جميلة للطيور والحيوانات، حيث ينسب إلى القرن السابع الهجري – 13م - في القاهرة نوع جميل من الخزف، عبارة عن عجينة بيضاء ترسم عليها الزخارف بالأسود تحت طلاء زجاجي أخضر أو أزرق أو بنفسجي، وأحيانًا ترسم فيه الزخارف بألوان متعددة من الأحمر والأزرق والأسود تحت طلاء شفاف. تتألف زخارفه من رسومات آدمية مثل لقاء شخصين في قارب شراعي، أو لقاء حول شجرة، أو شخص ممسك بكأس، أو عازف على الهارب Harp، أو فارس مُمْتطيًا جواده، فضلاً عن رسومات طيور وحيوانات تتمتع بقسط وافر من المرونة والحركة. ومن الرسومات الجميلة من الخزف الموجود في متحف الفن الإسلامي بالقاهرة رسم للسيدة العذراء تسند إليها السيد المسيح عليه السلام، ولهذه القطعة بقية محفوظة بمتحف ناكي في أثينا صورة قديسين وفوقهم ملائكة مجنحة.
أما الخزف في عصر المماليك فكانت زخارفه من رسومات لصور حيوانات ترسم بالأسود والأزرق تحت طلاء زجاجي شفاف على أرضية من زخارف نباتية قريبة من الطبيعة، متأثرًا بذلك التأثير الإيراني؛ حيث هاجر كثير من الفنانين والخزافين من إيران والعراق إلى الشام ومصر أثناء حرب المغول مع المماليك.
وظهر نوع آخر من الخزف في العصر المملوكي المتأثر بالخزف الإيراني في منتصف القرن الرابع عشر الميلادي متأثرًا بالبورسيلين الصيني المزخرف بالأزرق على أرضية بيضاء؛ حيث نجد فيه زخارف مقتبسة مثل رسم التنين والعنقاء – الرخ - الرسومات لحيوانات وطيور ونباتات مائية مرسومة طبقًا لقواعد الطراز الصيني.
كذلك ظهر نوع من الخزف الشعبي أرخص وأكثر استعمالاً وهو الفخار المطلي بالمينا المتعدد الألوان، وكان كثير الاستعمال في المطابخ والحاجيات اليومية. ويتكون بدن الأواني في هذا النوع من طينة عادية من الفخار حمراء أو سوداء اللون، تغطيها بطانة بيضاء ترسم فوقها الزخارف بالمينا الملونة، وتحدد الرسومات بخطوط تَحُزُّ في بطانة الإناء، وقد تكون هذه الخطوط بلون عسلي قاتم يحدد الزخارف، ثم يعلو هذه الزخارف طلاء زجاجي شفاف. وقد يحدث في بعض الأواني أن تكشط الأرضية تحت طبقة الطلاء الشفاف، وقد تُنَفَّذ بعض الزخارف البارزة بعجينة طلاء زجاجي ملون، أي بطانة سائلة بطريقة القرطاس أو القمع، وقد نجح الخزافون المصريون في هذا النوع في استخدام خامات رخيصة لإنتاج تحف ذات جمال خاص للاستعمال اليومي.
وتزدان هذه الأواني من الفخار المطلي بأشكال هندسية مختلفة، بعضها تشبه قرص الشمس وأشرطة وجدائل وزخارف نباتية متشابكة قد ترتب أحيانًا على شكل هرمي، كما تزخرف أحيانًا برسومات لحيوانات أو طيور من أنواع مختلفة، وفي حالات قليلة برسومات آدمية بعضها يمثل صيادًا على جواده أو بحارًا يمسك بمرساة قاربه ومجالس شراب أو طرب. وتمثل الكتابات مكانًا بارزًا في زخارف هذا النوع من العصر المملوكي بالخط الثُّلُث الجميل أو بخطوط سريعة تشتمل على عبارات دعائية لصاحب الآنية أو أسماء أصحابها وألقابهم ووظائفهم.
وفي النصف الثاني من القرن الخامس عشر الميلادي بدأت صناعة الخزف المصري في الاضمحلال؛ نظرًا لأن البورسلين الصيني غمر الأسواق المصرية بكميات كبيرة أقبل الناس على شرائها، وخاصة بعد الضعف الشديد الذي أصاب هذه الصناعة المصرية، وتدهورت هذه الصناعة بعد الفتح العثماني التركي سنة 1517م، وأخذت مصر تستورد الخزف من آسيا الصغرى.
وبعد كل تلك القراءات في الكتب أردت أن أمتع عيني بأعمال حية وحديثة من الفخار، فتوجهت لدار الأوبرا لمتابعة بينالي القاهرة الدولي الخامس للخزف، الذي شارك فيه عدد كبير من الخزافين المصريين والعرب وخزافين من شرق آسيا وأوروبا وأمريكا، كلٌّ بما له من تراث حضاري وثقافي وفني عَبَّر عن ذاته من خلال تلك المادة الخام الجميلة، وقد استوقفتني أعمال بما فيها من فن وجمال وقطع أخرى استوقفتني لغرابتها، وقد شارك عدد كبير من الخزافين العرب من الأردن، والبحرين، والسعودية، والسودان، والعراق، والكويت، والمغرب، وتونس، ومصر، وسوريا، وفلسطين، وقطر، ولبنان. منهم من أنتج أعمالا بشكل كلاسيكي ومنهم من اتجه إلى الغرابة، وتَمَّ فيه تكريم اثنين من الخزافين المصريين، وهم حسن حشمت ومحمد الشعراوي.
لمشاهدة المزيد من صور الاعمال الخزفية القديمة
عن اسلام اونلاين

مقالة عن مركز الفسطاط للفخار والخزف

مركز الفسطاط.. قلعة الفخار في موطن الخزف



سها جادو من القاهرة:
بيدين سمراوين نحيلتين يلف عم أحمد الضوي عجينة من طمي النيل على دولاب الفخار لتخرج من بين يديه مزهريات وأوان خزفية مستوحاة من التراث الاسلامي.
يعمل الضوي (50 عاما) منذ كان عمره 12 عاما في فواخير (ورش انتاج الخزف) الفسطاط بجنوب القاهرة وهي المنطقة المشهورة بانتاج الخزف والفخار منذ ما قبل الفتح الاسلامي لمصر سنة 641 ميلادية.
قال الضوي "اختارني شيخ الخزافين سعيد الصدر للعمل معه من أكثر من 35 عاما ومن ساعتها لم أفارق مركز الفسطاط للخزف منذ ان كان لا يضم سوى حجرتين فقط وحتى تشييد هذا المبنى الضخم."
قامت وزارة الثقافة المصرية بتطوير الاتيليه الصغير الذي أسسه الفنان الراحل الصدر عام 1958 الى مركز الخزف الذي افتتح عام 2001 بهدف تشجيع مهنة الخزف بدعم صغار الفنانين وعقد ورش عمل ومؤتمرات متخصصة.
قال الخزاف علي ابراهيم علي مدير المركز "الهدف الرئيسي للمركز هو الحفاظ على الحرفة من الاندثار وتدريب جيل جديد من الخزافين والفخرانية... لذلك نستضيف خمس ورش عمل سنويا وبرنامح التدريب التحويلي للراغبين في اكتساب حرفة والعمل بها بعيدا عن مجال تخصصهم الاصلي."
وأضاف "سنستضيف الشهر المقبل المهرجان العربي الافريقي للحرف التقليدية."
ويعقد المهرجان الذي يستمر عشرة ايام تحت رعاية جامعة الدول العربية ووزارة الثقافة ومعهد العالم العربي بباريس وستعرض فيه أعمال فنية تقليدية من عشر دول عربية وافريقية.
ويقع المركز على مساحة 2400 متر مربع في منطقة تضم بعض أهم الاثار المصرية مثل الكنيسة المعلقة وجامع عمرو بن العاص أول مسجد بني في مصر كما تبدو في الافق من حوله كنيسة ابو سرجة وكنيسة الست بربارة ومعبد يهودي.
ويتناسب بناء المركز مع الطابع التاريخي والمعماري للمنطقة من حيث التناغم مع خط السماء الذي يزخر بالعديد من قباب المساجد وأبراج الكنائس وغيرها من المباني التاريخية.
يقول المعماري جمال عامر الذي صمم المبنى "تم بناء المبنى بالكامل دون استخدام الخرسانة واستعنا بالمواد الخام المحلية صديقة البيئة مثل الخشب والحجر والطوب الاحمر الطفلي مع توظيف العناصر المعمارية الاصيلة كالقباب والقبوات المتقاطعة والجدران الحاملة.
"حتى في الاضاءة استخدمنا الضوء الطبيعي بطريقة غير مباشرة نهارا عن طريق الفتحات والكوات الموجهة حسب حركة الشمس والتي تسقط على العمل الفني من خلال الحوائط المزدوجة."
ويضم المركز فضلا عن ورش الخزف متحفا لاعمال فناني الخزف في مصر ومنهم "ساحر الاواني" نبيل درويش وميرفت السويفي. كما يضم أيضا قاعة للندوات والعروض ومراسم وأماكن لاقامة الفنانين الزائرين.
ولا تزيد المساحة التي تشغلها الورش الانتاجية التي روعي فيها ألا تسبب أي اضرار بيئية على 800 متر مربع من مساحة المركز. وتحيط بالمباني مساحات خضراء وحديقة متحفية تضم مجموعة من الاشجار النادرة والمعمرة والنخيل.
ويجري حاليا العمل في مبنى ملحق ليضم عددا اخر من الحرف التقليدية مثل اعمال الصدف والنحاس والفضة والزجاج المعشق بالجبس والخيامية واشغال الخرط العربي (الارابيسك).
ويعمل بالمركز عشرة فنانين وعشرة حرفيين وينتج نحو 175 قطعة كل ثلاثة أشهر بعضها يباع داخل أو خارج مصر في حين تشارك بعض القطع في معارض أو مهرجانات دولية في اطار خطة للتبادل الثقافي.
وتمر عملية انتاج الخزف بخمس مراحل أولها خلط الطين برتقالي اللون القادم من اسوان بالماء وتركه ليتخمر ثم يعجن ليكون جاهزا للمرحلة التالية وهي التشكيل على الدولاب او بالصب في قوالب او يدويا. ثم تأتي بعد ذلك مرحلة التجفيف في الهواء والحرق الاول في افران كهربائية وبعدها المرحلة الرابعة الخاصة بالزخرفة والتلوين باستخدام مواد محلية واخيرا حريق الطلاء الزجاجي لتثبيت الالوان والزخارف.
وفي اطار ارتباطه بالبيئة المحيطة به يستضيف المركز خيمة رمضانية مجانية يرتادها أهل المنطقة والسياح من زوار الاثار الدينية المجاورة.
ويقدم المركز للخزافين الواعدين كل المواد الخام والامكانات اللازمة مجانا مقابل الحصول على نسبة من اعمالهم.
يقول الخزاف الشاب هيثم هداية (27 عاما) "أعمل هنا منذ أكثر من عامين وسبق لي العمل في مصنع للادوات الصحية. لكني هنا أجد نفسي والمهنة التي أحبها... انها مهنة مجزية وفن له عشاقه لكنها تحتاج الى ظروف مواتية."
رويترز

28‏/11‏/2008

مقالة عن خزف الجبري

الخزف الجبري
لمشاهدة بعض صور فن الجبري
هو خزف شعبي يعرف بين تجار العاديات باسم" الخزف الجبري " , وهذا نسبة إلى قبائل تسكن شمال شرق إيران بمنطقه كردستان ’ وهم عبدة النار وعرفوا " بالجبرية ", وقد اشتهروا بصناعه الخزف, وينقسم الخزف الجبري إلى قسمين:
-1- الخزف المحزوز ....2- الخزف المكشوط
وسوف نتناول كلا منهم على حدة بالشرح والتوضيح ,,,, ولكن من المهم أن نتناول طريقة صناعة الخزف الجبري قبل التعرف على أنواعه .
طريقة صناعة الخزف الجبري :
يتم في البداية تشكيل الآنية على الدولاب - أو بطريقة أخرى - حسب الشكل المطلوب , ثم تحرق الآنية حرقا أوليا , ثم تدهن بعد ذلك بطبقة البطانة (Slip) ويرسم عليها " بالحز " بآلة حادة , أو " بالكشط " , فتظهر عجينه الإناء في الاماكن المحزوزة أو المكشوطة , ثم تطلى التحفة بطلاء زجاجي شفاف (Glaze) , وتوضع في الفرن وتحرق لتصبح مادة الطلاء مزججة , بينما تظهر الحزوز والكشط للانيه بلون داكن ,نظرا لتفاعل مادة الطلاء الشفاف مع العجينة للإناء , ولذلك تبدو للعين أنها تحتوى على لونين من الزخارف " الطينة " وهو لون احمر وردى , ويتسم هذا النوع من الخزف أن ألوانه تتراوح بين السمني والأخضر والأصفر , كما يتميز بوجود بقع بالون الأخضر والأصفر , كما يتميز بوجود بقع باللون الأخضر الغامق أو البني أو الصفر أو الارجواني
* الخزف المحزوز " صناعته وزخارفه " :
- أ- صناعته : تشكل الآنية , ثم يتم طلائها بطبقه البطانة , ثم يرسم على الآنية بواسطة عمل حزوز متداخلة أشبه بـ (Scrolls) , تصل إلى العجينة للإناء , وبذلك تبدو الزخارف بلون البطانة , أما الفراغات المحزوزة فتظهر فيها لون عجينه الإناء الحمراء - أو لون الطين المشكل منه الاناء - , وقد تطور هذا الأسلوب تطوراً كبيرا في القرن الخامس الهجري.
ب- زخارفه : من المرجح أن هذا النوع كان يصنع في شرق إيران , ومن أشهر مراكز الإنتاج في مدينة " أمل" , حيث وصلنا منها مجموعه كبيرة من الخزف تمتاز زخارفها بأنها مرتبة أحيانا في مناطق مكونة من دوائر ذوات مركز واحد , وتضم رسوم طيور وحيوانات في أسلوب تخطيطي ومحور عن الطبيعة , وإما أن يحيط بها رسوم وريقات محورة عن الطبيعة وأنصاف مراوح نخيلية ووريدان وفروع نباتية , أو ترسم على أرضية من تهشيرات الخطوط المتوازنة أو المتقاطعة , وأحيانا يزخرف جسم الطائر بنقط سوداء مطموسة على النحو الذي نراه بعد ذلك في الخزف ذي البريق المعدني , وأحيانا تشتمل الزخرفة فقط على الأشكال الهندسية التي تشتمل على دوائر وأوتار , منها تقطعها أشكال معينات , بالاضافة إلى الخطوط المنكسرة , ونلاحظ انه يشع من مركز الدائرة التي تتوسط الطبق أنصاف مراوح نخيلية وأيضا تشتمل زخرفة هذا النوع على شريط كتابي بالخط الكوفي على أرضيه من تهشيرات الخطوط المتوازنة ويتضمن عبارة دعائية مثل " غبطة ويمن وسرور وسعادة " وبذلك نكون تعرفنا على القسم الأول من الخزف الجبري وهو " الخزف ذو الزخارف المحزوزة " ,,,,, أما القسم الثاني فهو " الخزف ذو الزخارف المكشوطة",,,
*الخزف المكشوط " صناعته وزخارفه ":
-أ- صناعته : تشكل الآنية ثم تطلى بطبقة البطانة , ثم بعد ذلك تزال الأرضية حول العناصر الزخرفية بأسلوب الكشط حتى تبقى هذه العناصر بارزة عليها الدهان , أما الأرضيات المحفورة فتكشف عن سطح الإناء الأصلي ذي اللون الوردي - أو لون الطين المصنوع منه القطعة - , وكانت أساليب الصناعة بهذا النوع تبدو للعين غير الفاحصة أن الإناء يحتوى على لونين من الزخارف , لون البطانة ولون العجينة ثم تطلى الآنية بعد ذلك بطبقة البريق الشفاف مما يكسب الآنية لمعانا وبريقا , ويحافظ أيضا على طلاء البطانة , وكانت مراكز إنتاجه في " جاروس " و" زنجان" وتعود اغلب قطع هذا النوع من الخزف الى ما بين القرنين " 10 و 12 "م
ب – زخارفه : أنتج هذا النوع أيضا في مراكز مختلفة بشرقي إيران , وتشتمل زخارفه على رسوم آدميه وطيور وحيوانات مختلفة النسب التشريحية لأنها محورة عن الطبيعة تحويرا قوي المظهر إلا أنها معبرة عن الحركة إلى حد كبير , وهى اما محاطة أو على أرضية من الوريقات والفروع النباتية وانصاف المراوح النخيلية , وأحيانا يحيط بحافة الإناء زخرفة مجدولة ومن رسوم الطيور التي وجدت على هذا النوع من الخزف :
1- رسم طائرين متقابلين وان كان التماثل بينهما ليس تاماً.
2- رسم نسر جناحاه منشوران في الهواء.
3- رسم طائر محور عن الطبيعة من فصيلة الببغاء.
كاتب سوري _ القاهرة Oqpa_b@yahoo.com"

عن المصدر بتصرف

مقالة عن الفخار


صحيفة 26 سبتمبر
محمد أحمد محمد الحوري


أهميته ولماذا ندرسه:

الفخار يعتبر دليلاً ملموساً لدراسة الآثار’ ودراسة الفخار تساعدنا على معرفة الشعوب وانتقالها من منطقة إلى منطقة ومعرفة الصلات بين الشعوب وانتقال الخبرات ’ أيضاً تحدد لنا الفترات الزمنية والتاريخية وذلك من خلال الأواني التي ترافق الموتى وتعطينا بعد دراستها المستوى التقني للعصر الذي تعود إليه .
حيث أنه يعتبر أداة للتأريخ ويعرفنا الأساليب الفنية وصور الآلهة التي كانت سائدة - اعتقادا - في تلك الفترة ’ والفخار هو أحد عوامل الاستقرار ويعطي لنا صورة عن الهيكل الثقافي لتلك الأمة التي كانت سائدة والجانب التقني لها .
يعرفنا أسلوب صناعة الفخار والمستوى بين فترة وفترة في تسلسل الطبقات يعطينا دليلاً واضحاً عن النمط الثقافي الذي كان سائداً في تلك الفترة.
والفخار من الآثار التي تعطينا صورة كاملة عن الثقافات القديمة الى الوقت الحاضر لأنه المادة الوحيدة التي تقاوم الزمن.
والفخار: هو الطين المحروق غير المزجج (Unglazed pottery) أما الخزف : فهو الطين المحروق المزجج (Glazed pottery) لذا فإن أهم شيء يهم الآثاري عند التنقيب هو حصوله على تاريخ دقيق حيث أنه يقوم بمقارنة فخاريات الموقع بالفخاريات الاخرى.
> معرفة المادة الفخارية
فكل مادة فخارية يجب ان يتوافر فيها الطين لماذا؟
لأنه المادة الوحيدة التي لا يتوافر فيها شوائب لذا فقد خلق الله الانسان من الطين وهذا تحليل فيزيائي.
وصناعة الفخار هي مهنة متوارثة لذا عرف توزيع جزئيات ذرات العجينة بشكل دقيق وذلك حسب حجم الاناء.
ويجب ان يكون هناك تناسق بين جزئيات المادة فالاناء الكبير لا يمكن ان يعمل بجزيئات صغيرة.
والفخار: هو المادة التي تحدد انتقال الشعوب وتحركهم من منطقة لأخرى، وذلك بعد دراسة الزخارف والالوان الموجودة فيه وتعدد اختلاف الألوان راجع الى درجة الحرارة في الفرن.
ودرجة الحرارة هي التي تعطي الاناء درجة الصلابة، ولايكون الفخار جيداً الا بعد درجة حرارة(500)ْ خمسمائة درجة لانه بعد هذه الدرجة يخرج الماء - الذي يدخل في تركيبة الطين - من الجزيئات.
ولكن هذه الدرجة ليست النهائية بل وجد فخار وصلت درجة حرارة حرقه في الفرن الى درجة تتراوح بين (1100ْ-1150ْ) وهذا النوع وجد في فخار الصين ، حيث انه الوحيد الذي وصل الى هذه الدرجة .
وارتفاع درجة الحرارة راجع الى احجام الافران وكبرها وصغرها والتحكم في درجة الحرارة هو الذي يعطينا الالوان المختلفة واحياناً تجد إناء عليه عدة الوان وهذا راجع الى وضعيته في الفرن وتعرضه لدرجة الحرارة والأواني الفخارية يكون لها قواعد مختلفة اما قاعدة حلقية (Ring base) او قاعدة مسطحة (Flat base). وهناك اجهزة التحليل الكيميائي حيث يفيدنا التحليل في معرفة المادة ودراستها. وهذه الاجهزة يشتغل عليها شخص مخصص لها منها:- 1- جهاز تفلور الأشعة السينية X. R. D 2- جهاز تفلور حيود الاشعة X. R. F 3- جهاز التكبير Scamming Electron Microscop
والجهاز الخاص بالتكبير يفيد في معرفة النسيج الداخلي للمادة الفخارية وكلما قلت المسامات دل على ارتفاع درجات الحرارة، وهذا يدل على الحرق الجيد. وكلما اتسعت المسامات دل على انخفاض درجات الحرارة وهذا يدل على عدم الحرق الجيد.
اذاً فالفخار هو:-ما صنع من الطين وتعرض للحرارة واكتسب صفة المتانة والصلابة.
أو هو ما صنع من الطين وشكل وهو رطب ثم يقسى بحرقه.
تعريف الطين: هو مادة غروية لدنة ليست اصلية - أي يتكون من عدة معادن - ناتجة عن تفكك وانحلال انواع معينة من صخور اصلية والمادة الجوهرية في جميع انواع الطين هي سلكات الالمنيوم.
فلا بد من توافر الاساسيات الثلاثة وتتكون في المادة الفخارية وهي: 1- Sand= 0.06- 2-00mm 2- Slit= 0.002- 0.06 m.m 3-Clay= 0.002m.m وهذا من صخور نارية وصخور رسوبية. والاصل في الارض هي الصخور النارية تتحول الى صخور رسوبية وبعد تحولها تعمل العوامل الطبيعية (رياح، امطار......الخ) على جرفها وتكوين التربة.
وهذه التربة هي التي تستخدم في صناعة الفخار، وهذا هو الطين الثانوي. الطين الاساسي يكون تحت الطبقة الصخرية .
اسباب صناعة الفخار
بسبب تغير ظروف المناخ بعد الزحف الجليدي، بدأ الانسان في الاستقرار، وبدأ في الزراعة وتدجين الحيوان، وبدأ في صناعة الادوات والأواني الفخارية وبعد معرفته لها اصبحت عنده صناعة مهمة.
والفترة التي بدئت فيها صناعة الفخار هي العصر الحجري الحديث لكن في اليابان وجدت قطعة واحدة تعود الى العصر الحجري الوسيط.
عصر الادوات القزمية: وهذا ناتج عن تغير الظروف البيئية والمناخية واختفاء الحيوانات الكبيرة وانقراضها وهذا ادى الى ان يقوم الانسان بصناعة ادوات تناسب الوقت الذي يعيش فيه، وكذلك صناعة الفخار عند عجز الادوات الحجرية من قيامها بالاعمال الخاصة بها ففكر الانسان في صناعة الفخار.

عن المصدر بتصرف