من أنا

صورتي
أناس تنفسوا الطين عشقا ’ ذابوا من مغازلته غربا وشرقا ’ بلمسات أناملهم أنطقوا الطين نطقا ’ من كثر شوقي لهم يخفق القلب خفقا

12‏/05‏/2010

سلسلة عشاق الخزف : طارق ابراهيم

طارق ابراهيم







من مواليد بغداد 1938
خزاف

- دبلوم معهد الفنون الجميلة / بغداد 1959.

- دبلوم المعهد المركزي للفنون التطبيقية / بكين / الصين الشعبية.




المعارض :


- معرض الفن العراقي المعاصر / المتحف الوطني للفن الحديث / بغداد / 1972.

- المعرض المشترك لخمس فنانيين عراقيين / المتحف الوطني للفن الحديث / بغداد 1972.

- معرض الفن العراقي المعاصر / تركيا / 1974.

- اقام ستة معرض شخصية بين عامي 1975و1998.

- المعرض المشترك لستة فنانين عراقيين/ المتحف الوطني للفن الحديث / بغداد / 1976.

- المعرض المشترك لسبعة فنانين عراقيين / المركز العراقي / لندن / 1978.
- معرض السيراميك العراقي / المركز الثقافي العراقي لندن 1979,دمشق 1979, كاركاس 1974.
- المعرض المشترك لثلاثة فنانين عراقيين / قاعة الرواق / بغداد / 1979.
- المعرض المشترك لخمسة فنانين عراقيين / دبي / الامارات العربية المتحدة 1997.

http://www.iraqfineart.com/baio.php?recordID=167
____________-------------______________-------------______________------------_________
بعض أعماله

















مقالات عنه


طارق ابراهيم : الحروفية ليست تزيينا لكتلة الخزف

فاروق سلوم

يقرأ في كسرة الخزف القديمة تاريخا .. مثل منقب في حفور الماضي ،و يشتغل بين الطين والنار وهو يبتكر لمهمته معنى جدليا ..
هكذا هو طارق ابراهيم - 1938، الخزاف المشغول بالبحث والتجارب .. اذ لم يكن همّه الوحيد ان يغير مفهوم الوظيفة الذي لازم فن الخزف طوال عصور بل انه بدأب عميق يكرس صورة الحرفي في هيئته الخلاّقة كفنان ، مثلما يشتغل على تغيير رؤية المستعمل ليضفي فن الخزف على حياتنا لمسة الجمال واسئلته المثيره .
منذ سنوات و طارق ابراهيم يجرب في مشغله البغدادي كيمياء اللون ، وثنائية التراب والماء..
تخرج كتلة الطين محاطة بأسمائها ، ومبتنياتها ، رفقة الوان جديدة مغامرة يرتديها الخزف بجرأة كلما يدعونا طارق ابراهيم لنتأمل منجزا جديدا خلال معارضه النادرة . وهو وان غادر مجبرا ذلك المشغل النائي على اطراف المدينة تحت سطوة الظلام والسلاح الغادر ، الاّ ان هاجس الخزف يرافقه في هجراته حيث يكون في مدن الشرق المكتظّة .. او في مدن العالم الجديد وهو يطلق اعماله الأخيرة .
مرة تشغله الأشكال الكاملة ، فيفتتها ، ومرة يصنع لها ابعادا جديدة ، ثم يعود ليشتغل على الدائرة في فكرتها الكونية والفلسفية لكل معنى محتمل. لكنه حين اجتزأ العمارة ووضعها على ملمح خزفه في معروضات سابقة نقل الينا جوهر المكان .. تلك الملاذات المعلقة على جبل او ذلك المأوى الذي احتمل كل سر ، فعرض على خزفياته اسرار المبنى في عمارة مفتته يحكي الخزف اطواقا واقواسا .. ويعكس احيازا مفتوحة على كتلة محدودة .. لقد كان همه الخروج الدؤوب بكتلة الخزف الى مغامرات جديدة حيث تحمل الكتلة المزججة هذه .. ذكرى وبصيرة.
حين اقتبس هيئة العمارة.. وموتيفاتها الملتبسة تلك ، في معروضاته السابقة فأنه أخذ الخزف الرقيق الى مهمة صعبة لا لتكريس كتلة العمارة انما لكشفها من الداخل وكأنه يحمّل الخزف دلالات الجوهر ، وحين استعمل الحروفية اول مرة ايضا في تجارب سابقة فلأنه اراد ان يغير مفهوم التزيين على واجهة الخزف ، حين اقتبست مساحات اعماله الخزفية الحرف بأعتباره واجهة رمزية على سطوح خشنه في تبكير لأستعمالات الحروفية في الفن ، لكن هذه المرة يشركنا الخزاف في بحثه وتجاربه حين يتحرر الحرف من مهمته المتداخلة على السطوح ليتحول الحرف ذاته الى كتلة الخزف نفسها .. وليس مناسبا الحديث عن الجانب الحرفي هنا فتلك مهمة الفنان وهو يكسر الحدود المرسومة لمهنته لكن مناسبا قراءة فكرة الخزاف هذه في نزوعها الجمالي الأخير .
كان الحرف طرفا تكميليا في العمل الفني ، يزين السطوح ويعكس جماليات موحيه من قبل .. لكنه الآن كما في اعمال طارق ابراهيم الجديدة يظهر في كتلته الخزفية كعمل فني متكامل في وحدته وحضوره لايلغي اجتزاءه اووحدانيته اي معنى ايحائي وديناميكي للحرف ذاته . كان الفنان قد اشتغل طويلا في الستينات في مشغل الخزف الصيني ابان دراسته الفنية هناك عند اطراف السور ، وبقدر ماكانت اهمية المشغل الدراسية تلك في بلاد اخرجت الخزف الى افق كوني ، حسي وطبقي ، تجاري وجمالي ايضا لكن الفنان ظل يضيق بحدود الخزف المرسومة ككتل استعمالية لها وظائف محدودة .
في اعماله الأخيرة وهو يقيم في الولايات المتحدة الأمريكية .. يطلق الحرف وحدته الديناميكية ، يلغي حدود النطق الى افق الأيحاء ، في اشكال تكرس مغامرة الخزاف في كشوفها ومبتغاها ..
الحرف هنا عمل فني موصل لكل رسالة معرفية وجمالية حاملا كل طقوس الخزف الكيميائية . وطارق ابراهيم يعرّضنا الى موحيات تجاربه اللونية الغريبة ، لكنه لاينسى الأستعمالات النادرة للون بهيئته التقليدية من تدرجات التركواز حتى الأبيض الشفيف .. مع تذهيبات نادرة لاتعنى الاّ بمعرفية اللون ودلالته ، ذلك انه في تذهيبات مكثفة وقليلة يزاوج بين الوانه المشرقية خشية ان تخرج تجاربه اللونية مفهوما غير الذي يتوافق مع اشتغاله الدائب على تحديث عدة الخزف وهويته ..
اعمال طارق ابراهيم الأخيرة رنين لكتله نادرة .. من الخزف الباهر.


http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=174362
_______--------________---------_______-------_______-------_______-------_______

  فنون: الخـــزاف طارق ابراهيم و بيوت الحلـم الطينيـة






بغداد - موفق مكي


كانت ممارسة الفن مبكرة جدا في حياة طارق ابراهيم فقد احب الرسم على سبورة الصف في المدرسة الابتدائية وفي المتوسطة صعد الى خشبة المسرح ممثلا ومصمما للديكور وحين قدم الى معهد الفنون الجميلة منعه الاهل من الدخول الى قسم التمثيل وكان ان اختار قسم الرسم بدلا من ذلك، ولكنه درس في المجالين الرسم صباحا والتمثيل مساء لولعه الكبير بالمسرح حينذاك، وفي السنة الثانية ترك دراسة المسرح وانتقل من قسم الرسم الى السيراميك الذي وجده اقرب الى نفسه، يقول عن تلك المرحلة: (لعل مرافقتي والدي الذي كان يعمل في صناعة الخناجر والسيوف، ما شدني الى هذا الفن، في نزوع لتقليده والافادة منه، والاضافة عليه من خلال تصوراتي الخاصة وطول تمرني علي يديه في هذه الصناعة ما اكسب يدي مهارة بدت لي معها ممارسة السيراميك امرا طبيعيا). وفي المعهد كان لاستاذ السيراميك القبرصي”فالنتينوس“ اثر كبير عليه وعلى غيره من طلاب ذلك القسم عبر صلاته الشخصية بهم الى الحد الذي دفع ببعضهم ومنهم طارق ابراهيم الى ان يذهبوا الى المعهد مساء ايضا رغم ان دوامهم كان صباحا، وذلك طلبا للمزيد من الفائدة والمتعة على يد ذلك المعلم الكبير. تخرج من المعهد سنة 1958- 1959 وذهب في بعثة الى الاتحاد السوفيتي السابق ومن هناك تحولت بعثته الى الصين. (قيض لي ان اتعرف الى فن على جانب كبير من الاهلية والغنى، وان تجربة الصينيين في هذا المجال عميقة ولا يمكن فصلها عن حياتهم الخاصة، ولسعة الصين كمنطقة جغرافية وتنوع المواد الطينية المستخدمة في صناعة الخزف، فقد تميزت كل منطقة من المناطق بخصائص معينة، يمكن لمن عاش هناك ان يحدد مصدر كل منها لتباينها وخصوصيتها). قواعد صارمة كانت دراسة السيراميك في الصين تقوم على مبادئ كلاسيكية يطبقها المعلمون الصينيون بكل دقة واحترام، والطالب نفسه مشبع بتلك القيم العريقة للسيراميك الصيني. (انا كنت الطالب الوحيد الذي لم يناقشه الاستاذ عندما قمت باضافة ذراع خشبية الى ابريق كنت اصنعه، لاني طالب اجنبي، ولو قام بذلك طالب صيني لكان موضع انتقاد شديد واتهم بانه يقلد الخزف الياباني). تأثر طارق ابراهيم بهذا الاهتمام الكبير للموروث الخاص، وقد نبهه ذلك الى الالتفات نحو الارث العراقي الغني وقد طبق ذلك على طلابه فيما بعد، بان قدم لهم اكبر تشكيلة ممكنة للاشكال الخزفية التراثية. فقد كان يعتقد بان الطالب لابد له ان يتمتع بخلفية واسعة يستفيد منها حين يقوم بخلق شكل خزفي، وهذه بدورها سوف تمنحه العين المتشبعة بالاشكال التي سوف تغني تجربته القادمة. (من كل ذلك استطيع القول ان تجربتي الصينية تتلخص في استيعابي للشكل الخزفي وزرعت داخلي قدرات مهمة لا يستغني عنها الفنان المعاصر). بعد تلك السنوات الخمس من الدراسة المنضبطة الكلاسيكية في الصين، قادته المصادفة الى السفر باتجاه كوبا، ليعمل هناك في احد معامل السيراميك، وقد اتاحت له هذه المصادفة فرصة تطبيق ما تعلمه بشكل مباشر. تعلم من خلال عمله لفترة 3 سنوات اسرار الطين كمادة وتكوين وخلط النسب وكذلك مادة الزجاج التي تدخل في صناعة الخزف ومعادلاتها الكيمياوية المعقدة. وكان التعامل في كوبا مختلفاً تماما عما الفه اثناء الدراسة الاكاديمية، فهو محاسب بدقة عن خروج القطعة الخزفية، نظيفة خالية من اية نقطة صغيرة تشوب صفاءها، قد تخرج اثناء العمل بالمصادفة او يعجب لها الفنان ويكرسها اثناء انجازه كعمل فني، ولكن هذا يعد عيبا صناعيا في المعمل الذي اشتغل فيه في كوبا، كانوا يقولون له انس الفنان داخلك، انك هنا تعمل في معمل انتاجي. عندما عاد طارق ابراهيم من رحلاته التي انضجته فنيا وانسانيا ابتدأ بالعمل الخزفي وسرعان ما برز وعرف باسلوبه الغريب نوعا ما، فقد كانت قطعه الخزفية التي عرضها في اكثر من معرض، عبارة عن اشكال معمارية بدائية. (خلال مشاهداتي للطبيعة العراقية وفي احدى سفراتي الى الشمال، رأيت في منطقة احمدآوا قرب التلال وعلى سفح الجبل، بيوتا مشيدة من الطين الاحمر، لقد احسست بان ذلك لم يكن بيتا، بل شكلاً سيراميكياً وعملا فنيا، وما زاد في احساسي ذلك ان البيوت كانت خالية تماما لان الفلاحين يتركونها وينزلون الى الوادي خلال موسم قطف الثمار). شاهد طارق ابراهيم بيوتاً طينية في راوة، وعانه والموصل، وكان ذلك قد اثار اهتمامه ولكن ليس باعتبارها شكلا معماريا وانما بالمادة التي صنعت منها، وهي الطين الذي طالما اثاره وحفزه على صنع قطعه الفنية، فلو كانت قد صنعت من مادة اخرى مثل الطابوق لما كانت قد اثارت اهتمامه وخلقت هذا التأثير عليه. ولقد عبر طارق ابراهيم عن خشيته من ان تؤخذ اعماله في المعارض التي اقامها على انها اشكال معمارية فحسب. ولكنه في عرض آخر قدم مجموعة من التجارب اثارت نوعا اخر من الاراء كان من اهمها رأي الفنان الرائد شاكر حسن آل سعيد حين اخبره بانه قدم الطين بجميع حالاته عندما يكون جافا، عندما يكون رطبا، حين يتفطر وحين يحترق حاول خلال تجاربه المتعددة ان يقدم السمات الفيزياوية للطين. طارق ابراهيم اسم بارز في الوسط الفني العراقي شق طريقه منذ السبعينيات واستطاع عبر اساليبه التي تمرس عليها خلال سنين من البحث والتجربة، وهو اليوم يحتل مكانة مهمة في عالم الخزف العراقي المعاصر.


http://www.alsabaah.com/paper.php?source=akbar&mlf=interpage&sid=53808
____________----------___________-------------_______________--------------___________
طارق إبراهيم - جماليات الإضافة والتكوين في الخزف العراقي المعاصر...

 محمد العبيدي
في عموم أعماله الفنية ثمة أشياء تستوقفنا مثيرة أمامنا تساؤلات عدة تدور حول التقنية التكوينية التي جاءت على أثرها الأشكال البيضوية التي تبينت لنا تمكن الفنان طارق إبراهيم من تحديد قيمة استقرائه للأشياء ومعاني ارتباطه بها...

ففي أعماله عموما تتولد انطباعات تؤسسها دوافع فنية غنية بمدلولات افتراض الشكل وتكوينه... فأشكاله البيضوية تتنوع إلى درجة التأكيد على تلك القدرة التي يمتلكها الفنان طارق إبراهيم وهو يصف الظاهرة عبر تكوينه المعروض... هذا الكرات والأشكال المضافة فضلا عن ملحقاتها الجمالية من خط ولون أشياء متلازمة في إنتاج العمل الفني.
ولكن هل جاءت الإضافة في أعمال الفنان طارق إبراهيم كاستكمال جمالي يحقق من خلاله الفنان معنى ما.. أم هي فعل مباشر لتأكيد خصوصية العمل الذي يقدمه.. ولكنني لا أعتقد أن هناك تغييرا قد أحدثه الفنان في شكل الإضافة... ولكن ما يحدث هو تحول في حقيقة خضوع المفردة المضافة لآليات العمل بمجمله، فالكرة مثلا في العمل الفني الذي قدمه طارق إبراهيم جاء تظاهرة جمالية على اعتبار أن الشكل البيضوي أكثر الأشكال قدرة لتحقيق نوع من التوازن، لذا نراه قد تكرر في أغلب أعمال الخزافين العراقيين.
كما بدت الاستجابة للشكل البيضوي عبر تكور الشكل العام للعمل وتحديدا بكوره في حركة الحرف (U) والذي ركب تركيبا جماليا شديد الاختزال... بدت هذا الاستجابة لتحرير الشكل الخارجي في هيئة شكل هندسي يصف ظاهرة طبيعية أو موضوعية اختارها الفنان من المشاهدة للمحيط والبيئة. إنها اعتبارات تكون قصدية ومسبقة، تحكم نوعية الجسد الموظف ونوعية الإيماءة المراد التعبير عنها. وفي هذا الصدد نرى أن الأهمية التي تكتسيها مورفولوجية الشكل ونبرة اللون الشذري وبلاغة الإيماءة وإبلاغيتها ، وتقنيات الحرق والاكاسيد اللونية المتوأمة مع اللون الاصفر الذهبي ، عززت من اضاءة العمل الخزف بالوصول الى مثالية البلاغ الكلامي وبعد ذلك، لابد من التأكيد على أن لغة العمل ترتكز على تقنيات وقواعد خاصة لفهم دواخل الذات. فهذه التقنيات هي "الطريقة التي يستخدم بها الفنان الخزاف فضاءات العمل بطريقة الاضافة المدروسة لجسد الكلمة من أجل خلق حالات تعبيرية موغلة في التفرد والخصوصية، كأشكال الوضعة والاستخدام الإستعاري للحروف العربية ، جعلت من نبرة اللون، وشكل الجلوس للكلمة ، يعود إلى هذه التقنيات لها موقع داخل السجل الثقافي / الاجتماعي الذي يؤوله ويمنحه للفن التشكيلي والفن الخزفي المعاصر.
وعبر فهم الفنان طارق إبراهيم إلى أن فن الخزف له القدرة على الإجادة في تجريد الفكرة واختزالها نراه يظهر من خلال إسلوبه الفني النمو الطبيعي للإحساس بما يدور حوله وبما ينتقيه كفكرة أفرزتها مساحة التكوين المنجز... وهو بعد نمو طبيعي لدراية الفنان بوحدات عمله وثقافته الفنية.
فالصورة خطاب ذكي تخاطب العقل كما تخاطب الإحساس و الوجدان . فخلال تلقينا خطابا بصريا ما، نتمثله وفق ما تقتضيه ثقافتنا، لأن كل صورة هي تعبير أو إحالة بشكل ضمني_ أنتجتها وتلقتها احالة الصورة بصفة مباشرة أو غير مباشرة على المتلقي…. فالصورة تخلق بينها وبين المتلقي شعورا عاطفيا معينا كالإحساس بالشفقة أو البكاء أو الضحك أو الألم … كما تتحدد دلالتها انطلاقا من مجموعة مكثفة من الرموز الصورة خطاب رامز بامتياز، من خلالها نقرأ حياة الجماعة المنتجة لها ونصل إلى الخلفيات الحضارية والإيديولوجية والمستوى التقني الذي بلغته في زمان ومكان محددين. وكل صورة لشيء ما أو مكان ما أو حيوان ما أو شخص ما، هي امتداد له عبر الزمان والمكان ، وبالتالي هذه التحديدات بالاضافة والتكوين ماهي الا تعامل منطوق مع العامل الصوري الذي ينشده في التكوين ،إذن، يمكن القول إن الشكل الخزفي عنده لغة من اللغات أو هو لغات -حسب أشكال الإيماءات التي يؤديها- لها قواعدها ومنهجيتها الخاصة في إنتاج الدلالات، هذه الأخيرة هي كل ما يقدمه الشكل من طاقات تعبيرية، وهو موضوع اشتغالنا في هذه الفقرات، بحيث نتجاوز هنا الجانب النفعي في فن الخزف إلى ما هو قصدي ، ليتبع الخزاف هنا نوع من الاداء الفني التقني تحديدا واعطاء لغة تتوفر فيها كل المعاني في اداء الخطاب إد بعد ان يوافر للشكل الخزفي عددا من الإمكانات الإيمائية والحركات التي تنشئ لنا دلالات وإيحاءات، لكنه ينشئ هذه الدلالات في سياق ثقافي وحضاري، يتم إدراكها من خلال الحديث عن لغة الشكل د باعتبارها لغة قصدية، فإننا نستبعد كل الحركات والإيماءات التي تكون بمحض الصدفة أوغير مدروسة و الناشئة عن جسدالعمل
ويشكل النظر إلى الجسد من زاوية أنطولوجية مبدأ أساسا في البعد التواصلي، فـ "يمكن أن نبدأ الكلام عن الجسد من الإشكالية الفلسفية التي وضعها(( سارتر)) أثناء تحديده لمفهوم الآخر، بحيث أصبح الوجود لا يكتمل إلا من خلاله وبالتالي من خلال رؤيته وحكمه وإذن، يعتبر الآخر مكملا لكينونة هذا الجسد وحاملا لإدراك تفاصيله بايجابياته ونقائصه والآخر أساس أيضا لتكتمل عملية التواصل و التلقي.
وبعد ذلك، لابد من التأكيد على أن لغة الجسد ترتكز على تقنيات وقواعد خاصة لفهم دواخل الذات. فهذه التقنيات هي "الطريقة التي يستخدم بها الفنان شكل جسد العمل الخزفي من أجل خلق حالات تعبيرية موغلة في التفرد والخصوصية، كأشكال الوضعة والاستخدام الإستعاري للاشكال الهندسية ..


http://www.urrnina.com/news.php?action=view&id=4519

09‏/05‏/2010

مقالات د.نبراس احمد الربيعي عن الخزف

د.نبراس احمد الربيعي




 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

حوار مع الكاتبة 

الخزافة نبراس أحمد الربيعي .. مهرجـان الكليـة لهـذه السـنة جعلنـا نــرى بغـداد مــن جـديــد مـشـرقـة

 





حيدر عاشور






تسعى كلية الفنون الجميلة المتمثلة بعميدها الدكتور عقيل مهدي علي، على تحفيز الفنانين العراقيين ممن امتهنوا مهنة تدريس الفن بالكلية وان يتواصلوا بكافة الفنون لينجزوا اعمالهم الابداعية امام طلابهم وبمساعدتهم ايضا.فوجدت معرض الاستاذة السنوي الخاص بالتشكيل والمسرح وباقي الفنون الاخرى فعند مدخل الكلية تعمل حاليا الدكتورة نبراس احمد جاسم الربيعي على تزيين المدخل ببعض المنحوتات من اعمال الرواد والمحترفين وعمل جدارية جديدة على شكل شلال يساعدها بعض الطلبة الذين يدرسون مادة الخزف على يديها.

(الاتحاد) التقت الفنانة نبراس الربيعي فكان معها هذا الحوار.


* ما فكرة معرض الاساتذة وما الغاية منه؟


ـــ جاءت هذه الفكرة وفق سياقات عمل الكلية في إدامة الروح الفنية لدى المبدعين العراقيين من الاساتذة ، اشرف عليها الدكتور عقيل مهدي علي عميد كليتنا، من اجل تواصل الاساتذة في الفن التشكيلي خاصة وباقي الفنون عامة. من اجل ان يرى الطالب الموهوب كيف يعمل أستاذه، كذلك حضور الاستاذ الجامعي كفنان.


* كيف يتم الاستعداد لهذا المعرض؟


ـــ يأتي بإيعاز من عمادة الكلية قبل مدة محددة، وتشكل لجنة تشرف على الاعمال التي يقدمها الاستاذ الجامعي الفنان. وغالبا ما يشارك الطلاب اساتذتهم فيفتتح المعرض بكرنفال جامعي تمتزج فيه روح الموهبة الطلابية وابداع الاستاذ.


* ماذا ستقدمين في معرض الاساتذة؟


ـــ كما تشاهد اعمال جدارية كبيرة عند مدخل الكلية وهي عبارة عن تكوين فني بشكل جمالي بمعاملة السطوح الملمسية مع نصب لحوض على شكل شلال (نافورة) تدور حوله اضاءة ملونة بهذا العمل وظّفت امكانات الطلبة، فتألقوا بهذ العمل الذي اعتبره منجز مهم للكلية.


الطلاب هم (صلاح طعمة وعمار صالح وقصي وهيبي وصالح صادق وحسنين غائب) من طلبة الصفوف المنتهية . كذلك سأشترك بعمل خاص وهو نحت لتمثال امرأة من البرونز تحمل علامات الحزن والوجع من الواقع الحالي.


* من قدمك لوسط الخزافين؟


ــــ تعلمت الخزف على يد ابو الخزافين (سعد شاكر) فهو اول من وقف معي وعلمني اسرار كثيرة لهذا الفن، وبعدها عملت مع الفنان تركي حسين واكملت مشواري الفني مع محمد العريبي فهؤلاء جميعا لهم الفضل في تكويني كخزافة اضافة الى تكملت رسالتي الماجستير والدكتوراه حول فن الخزف، واحاول حاليا نقل معرفتي بالخزف الى طلابي في كلية الفنون الجميلة.


* متى عرفت كخزافة عراقية؟


ـــ عام 1985 ـــ 1986 عند مشاركتي في معارض مشتركة مع كبار الفنانين اضافة الى مشاركتي في معارض عالمية وعربية وخاصة مصر وسوريا فكانت هناك مسابقات في فن الخزن فحصلت على جوائز وشهادات منها جائزة الفن المعاهد عام 1997 وافضل اعمالي في مهرجان نيبالي في بغداد عام 2001.


* هل لديك معرض شخصي؟


ـــ مشاركاتي جميعها في معارض مشتركة ولكني استعد حاليا الى انجاز معرضي الشخصي الذي استخدمت فيه اكثر من عشرين قطعة خزفية. حاولت من خلالها نقل تجاربي الذاتية عبر السنين التي ذهبت دون ان نلمس حقيقتها الا من خلال اعمالنا.


فاكملت عشرين لوحة على هذا الاساس ووضعت فيها كل خبرتي بفن الخزف فاستخدمت النحت والبرونز بآليات وتقنيات حديثة.


* هل تحتضن كلية الفنون الجميلة الطاقات الفنية؟ وهل تدعمها ماديا؟


ـــ الكلية رمز فني كبير كونها تحتوي على قامات فنية كبيرة تحاول ان توصل تجاربها الى الطاقات الشابة الواعدة والتي لها تأثير واضح بالمنجز الحالي. ولكن الدعم المادي فقير جدا اضافة الى نواقص كثيرة في الخامات والمواد التي تستخدم في عملنا فهي تفتقر الى اشياء مهمة في تكوين الفنان، ويحاول د. عقيل مهدي جاهدا تذليل الصعاب امامنا وامام الطلبة لذلك حاولنا هذا السنة ان تكون متميزة في مهرجانها السنوي فكانت رعاية حقيقة من عقيل مهدي، وكرنفالا واعدا انجزه الاساتذة والطلاب فجعلنا من خلال الكلية نرى بغداد جميعها مشرقة.



http://www.alitthad.com/paper.php?name=News&file=article&sid=38987
________--------_________---------___________---------__________----------___________
مقالاتها عن الخزف
الخزف المعاصر في مصر
لا يمكن حصر عوامل التحد يث الفني باسباب متماثلة ، كسيادة انظمة وعادات ومؤثرات متقاربة ، بين قطر وآخر . فضلا عن صعوبة الاستنتاج حتى في حالة تحديد المنهج والعوامل المشتركة . فتداخل الاسباب وتنوع التفاصيل لها أثرها في تحديد الوظائف وعلاماتها الفنية . فاذا كانت المسارات العامة لنتائج قوانين معمول بصوابها ، كما اشرنا اليها في سياقات البحث ،قد فسرت لنا ان النظام الاجتماعي والمعرفي والثقافي العربي قد تعرض لعوامل متماثلة ادت الى التحديث ، وظهور حداثات بسمات مختلفة ، فأن هذا الاسلوب لا يقلل من خطورة اهمال عدد ما من العوامل لها اهميتها في نظام تحديد السمات الفنية للتكنيك والرموز والعلامات . بيد ان المسار العام لبحثنا لم يلغ الخصائص الفنية لكل قطر وكأنها محض ثوابت ، وانما اشتغلنا على تعقب العوامل المشتركة ( 1 ) . ولن يختلف فن الخزف في مصر عن الاقطار العربية الاخرى الا بما يمتلك من مجموع عوامل الموروث والبيئة ومفاتيح الاستجابة وسمات التحديث ، وفي مقدمتها اثر التكنولوجيا في مسار التطور العام اولا ، وعلى الصعيد الثقافي والتقني ثانيا ً .
والتحديث في مصر لعمل فن له طابعه الخاص منذ نهايةالقرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين على نحو ملموس ومؤثر ، له ذاكرته التاريخية والاحصائية ( 2 ) وله حدوده الفاصلة بين ماقبل ( التحديث ) والمراحل اللاحقة ويختلف باختلاف اعادة صياغة كاملة للمفاهيم الفنية والثقافية ( 3 ) .
ومع ان باحثا ً مثل ( ريجل ) يقلل من شأن التطور في الفن ، بل لا يرى ان هناك تقدما أو استمرارا من عصر الى عصر آخر ، على صعيد فهم الطبيعة ( 4 ) الا ان التحول ، والتقدم ، والاختلاف الاجتماعي ، والازدهار النسبي للتحديث العام الذي حصل في مصر خلال القرن الماضي ، برهن ان التحولات العامة كانت لها انعكاساتها على صعيد انظمة اشكال الثقافة والفنون ومنها فن الخزف .. لان اشتغال هذه الانظمة وضع فن الخزف في اطار التجديد وتلبية ذائقة ولدّتها الوقائع والتحولات .. فلم تعد ( الجرة ) ، على سبيل المثال ، بما تمتلك من وظائف ودلالات رمزية ، وشعبية متوارثة ، وبما تمتلكه من جذور عميقة ، الا إمتدادا ً مغايرا ً ومتداخلا في تجارب التحديث والحداثة بصورة عامة . فقد صار الخزاف يعالجها بمنظور آخر دون اهمال قيمتها كدال يتضمن لاوعيا ً جمعيا للتراث المصري . كما ان الخزين الشعبي والمعرفي بتنويعاته لن يغادر الاشكال والمعالجات المختلفة ، فجمع في بساطة بين معاني الصفوة والعامة ، والحديث والقديم ، والمفرد والعام ، والتزم الفنانون هذا بواقعهم الاجتماعي السائد بين الناس مما ميزهم عن حركة الاحيائية ، وعن حركة التقليديين ( 5 )
فاذا كانت العصور الوسطى قد شهدت ازدهارا لفن الخزف ، فان العهد العثماني ، منذ الربع الامل للقرن السادس عشر الميلادي ، مارس أثره في مصر ودفعت بالفن الى الاساليب التقليدية الهزيلة من ( القلل والازيار والبلالعي والمواجير ) ( 6 ) حيث حتم التحديث ظهور تجارب متنوعة ، ومنها مبادرة ( جونسون باشا ) – الذي كان يشغل منصب مديرا للورش الاميرية – بانشاء مصنع للخزف في منطقة ( فم الخليج ) مستخدما بعض الافران ( للزجاج الملحي ) في إنتاج الترابيع القاشانية ، لكن المصنع لم يستمر طويلا ً ، اذ توقف عن العنل في نهاية القرن التاسع عشر .
بيد ان تاجر الخزف الاسكندراني ( ماثيو ) كان يشتغل باستيراد الخزف من اليونان الى الاسكندرية ، كان قد انشأ مصنعا ً للخزف بالاستعانة بالخزاف الفرنسي ( كوتيه ) الذي استعان بدوره بالخزافيين اليونانيين ، فضلا عن وجودخبراء مصريين بما كانوا يمتلكونه من مواهب كامنة ، مستخدمين في تجاربهم الطينات المحلية بعد خلطها بطينة ( الاسوانلي ) مع طينة ( النيل ) وطينة ( التبين) .. كما استخدموا بعض الطلاءات الزجاجية ذات القواعد الرصاصية ، فضلا عن استخدام مادة الفلنت بعد تكليسها وطحنها .
تبع ذلك مجيء ( لامبو مارنجاكس ) في اواخر القرن التاسع عشر ، وقد كان شريكا ل( ماثيو ) باديء الامر في مصنع ( طرة ) ثم انفصل عنه واقام مصنعه في روض الفرج تحت اسم ( مصنع مارنجاكس ) للطوب الحراري والمواسير وبعض الاواني الخزفية ، وكان يعتمد الاسلوب العربي في تنفيذ الزخارف ، كما استخدم الطينات العادية المسامية والبطانات الطينية الملونة ، ووظف تقنية الكشط فيها لاحداث زخارف متنوعة تتسم بالزخارف الاسلامية ومعالجة بعد ذلك بالطلاء الزجاجي الشفاف ( 7 ) .
وكانت هناك ، في هذه المرحلة ، محاولات من لدن الحكومة من اجل استعادة امجاد الخزف في ماضيه المجيد – ولا نقول الخزف الفني كما في تجارب الحداثة – فكانت هناك محاولات لتصنيع البورسلين أو الصيني ، فارسلت بعض الخامات المحلية المصرية الى اوربا لكي تحصل على تحليلاتها وتحديد مدى الاستفادة منها صناعيا ، كما تمت الاستعانة بعدد من الخبراء الاجانب ، ومنهم الخبير الانكليزي ( وليم دي مورجان ) – الفرنسي الاصل – وكان خزافا مشهورا في الوقت نفسه . فقد قام هذا الخزاف الباحث بدراسة صلاحية الطينة المصرية والخامات الاخرى الصالحة لانتاج البورسلين ، فاستعان هذا بدوره بعدد من الكيماويين بينهم ( د. ماكنزي ) مستعينا بعددمن ضباط الشرطة لتيسير مهمة التجول والتنقيب ، كما استعان بمجموعة منتقاة من العمال المصريين الذين تركوا لنا ، في مجال الخزف ، احفادا يعملون بناحية الفسطاط بالقاهرة حتى يومن هذا ( 8 ) .
تناولت ابحاث ( مورجان ) الانواع الطينية المصرية ابتداء ً بطينة ( الاسكندرية ) وصولا الى ما بعد طينة ( اسوان ) . وكانت العينات تفحص كيماويا ، كما تدرس قابليتها على التطويع .. وبعد دراسة العينات في لندن ، كتب تقريرا ً بعنوان ( إمكانية الخزف المطلي في مصر ) . كان البحث غنيا بالمحاولات والتجارب الكيمائية التي اسفرت في النهاية عن عدم الوصول الى نتيجة ايجابية ، اذ اقر الباحث باستحالة انتاج البورسلين بواسطة الطينة المصرية .
ومع بداية القرن العشرين ( 1905) بدأ الايطالي ( سورناجا ) بحوثه على الخامة المصرية ، بهدف إنشاء صناعة خزفية محلية ، لذا انشأ مصنعه ( الودي ) ( 9 ) عام (1907) الذي ما لبث ان تحول ، بعد سنوات قليلة ، الى شركة مساهمةلأنتاج الحراريات . لقد نجح هذا الباحث بانتاج الخزف الصناعي - في سياق الاستخدام اليومي وليس الجمالي أو الفني – ولكن سرعان ما تاثر بالاجواء الشرقية الساحرة ، فبات يطمح الى ابداع خزف له هويته العربية ، فكان يستعين بالنخبة من العمال المهرة وتحت امرة الاسطوات وكبار السن من المعلمين الذين كان يأتي بهم من فواخير الفسطاط .
كان لـ ( سورناجا ) في تلك السنوات ،الاثر الكبير على الحركة الفنية ، اذ انتج الترابيع القاشانية ، والاطباق والاواني ذات الزخارف العربية المنقولة عن الامشق الاسلامية ، وهذا ما جعلها ذات اهمية لا تذكر ، لأنها تفتقر الى صيغة الابتكار والابداع التي يقوم عليها اي فن من الفنون ، وهنا يمكن وصف أواني ( سورناجا ) وخزفياته بطابعها السطحي الذي يوحي بالاساليب الشرقية ، ولكن في اعين السائحين الاجانب . ( 10 )
توالت بعد هذه المحاولة ، محاولات أخرى لأنتاج الخزف الفني ، حيث تولت الدولة بعض مشاريعه ، والبعض الاخر كان تجاربا فردية ، لكنها لم تحقق النجاح المرجو ، اذ كانت عبارة عن ارهاصات ، واشبه ما يكون بدقات في المسرح ، ايذانا ً بفتح الستار . ( 11)
وفي سياق مماثل ، جاء مشروع السيدة هدى شعراوي ، الذي اتسم بالعفوية والسذاجة ، لكنه عد ، لأسباب عديدة ، مؤثرا في تقدم فن الخزف في مصر .. فقد انطوى مشروعها على رغبة حقيقية في الابداع .. فقد عرفت شعراوي بحبها للفن وشغفها بالادب عبر صالونها الذي كان ملتقى ثقافيا الى جوار اصحاب النفوذ. كما دعمت ماديا العديد من المواهب ، ومنهم النحات الكبير ( عبد البديع عبد الحي ) الذي ما زال يمد الحركة التشكيلية المصرية بالمزيد من الروائع الفنية . ( 12 )
يعد مصنع ( الهدى ) الذي تاسس عام ( 1927 ) ، نموذجا للمحاولات الفردية الجادة على الصعيد الفني .. وكان الحري ان يسمى ( مصنع الهدى ) بـ ( مرسم الهدى ) اذ كل ما كان يجري هو عمليات الرسم على الاواني الفخارية الجاهزة وبالوان زيتية . وقد نشأت هذه الفكرة حين التقت الشعراوي بمدرس الزخرفة الاسلامية – الفرنسي الاصل – والذي كان يعمل في مدرسة الفنون الجميلة ، اذ كان المدرس يهوى الزخرفة العربية مما صادف قبولا عندها ، فحصل الاتفاق على ان تشيد المصنع وتزوده باواني فخارية جاهزة من صنع ( مارانجاكس ) الذي كان مجاورا لمصنعها ، ثم يتولى هو وبعض المساعدين رسم الزخارف العربية الجميلة وبالالوان الزيتية ، وهذه العملية هي أبعد ماتكون عن فن الخزف . ( 13 ) ان حماسة السيدة شعراوي لفن الخزف جعلها ترسل الفنان ( محمود صابر ) ( 14 ) الذي كان يرسم الزخارف العربية بالالوان الزجاجية على الاواني الفخارية في مصنع ( سيفر ) في فرنسا ، ولكن دون ان يتلقى تدريبا على عمليات إنتاج الخزف ، مكتفيا ، بعد عودته الى مصر ، على تشييد الافران لأحراق الاواني المزخرفة بالوحدات العربية . ( 15 ) وفي العام (1928 ) كان الفنان سعيد الصدر قد انهى سنواته الدراسية الاربع بمدرسة الفنون والزخارف بالحمزاوي ، وقد كان ترتيبه الاول من بين اقرانه التسعة ، والذي سيلقب فيما بعد ب ( ابو الخزف في مصر ) .. كان الصدر ، منذ صباه ، يهتم بكسر الفخاريات والخزف ،فيجمعها من بين الاطلال متأملا الوانها ووحداتها الزخرفية وخاصة في بقايا الخزف الفاطمي والمملوكي في ( قايتاي ) ، فقد كان يشعر بسحر وغموض يكمن في هذه الشظايا ، مما اسهم في شحذ حساسيته اللونية والزخرفية ، في الوقت الذي كانت تصقله فيه الحان سيد درويش ، وزكريا احمد ، ومشاهد الاحتفالات الشعبية والدينية في الازهر و ( سيدنا الحسين ) . وهي من بين العوامل التي اثرت في شخصيته ورؤيته الابداعية بطابعها القومي والعالمي . (16 ) لقد كان لمدرستا الفنون الجميلة والفنون والزخارف اللتان انشئتا في اوائل الثلاثينيات من القرن العشرين بالقاهرة المصدر الاساسي في ايجاد دارسين للفن ،والذي سمح للحكومة بارسال بعض الطلبة المتفوقين الى باريس وروما ولندن للدراسة على نفقتها وذلك للعمل ، عند عودتهم الى جانب اساتذتهم الاجانب من المدرسين ، وقد كان من بينهم الخزاف الصدر . (17 ) كان ناظر مدرسته ( جون اوني ) الانكليزي الجنسية ، يطمح لوجود اقسام متخصصة لفن الخزف ، الامر الذي حول اعجابه بالصدر الى حافز لترشيحه ببعثة الى لندن .. حيث حصلت البعثة . وفي لندن تتلمذ على يد ( برناردليتش ) الذي اعتبره الصدر الاب الروحي له ، حيث تنازل هذا الاخير عن المبالغ التي يستحقها مقابل المحاضرات التي كان يعطيها للصدر . وكان ( ليتش ) يرى في الصدر انموذجا للجد والنشاط والعبقرية الفنية . ( 18 ) ان دراسة الصدر في اوربا كان لها الفضل الاكبرفي تطعيم الحركة التشكيلية المصرية المعاصرة باساليب ونظم وقواعد قائمة على تيار الحداثة في اوربا ، والذي يواكب المنحى التجريبي وخوض غمار البحث في نظم واصول وقواعد الجمال والاثار الفنية الفرعونية والقبطية والرومانية والاسلامية ، فكان بحثه ينسجم مع تيار عام لا يذهب مذهب تقليد الفنون الموروثة والفنون الشعبية ، وكانت ندواتهم مسموعة بقدر كبير .. ومن هنا فان الابداعات التشكيلية المصرية لازمتها غالبا ذاتية المبدع وهويته في خطواته نحو تيارات فنية عالمية ، الامر الذي دفع بظهور الجماعات الفنية التي عملت على شرح ونشر وكتابة ومناقشة آرائها ومفاهيمها الجمالية والتشكيلية والاجتماعية جماهيريا في معارضها المستمرة . ولا نغفل ، هنا ، ان الصدر اتصل بالشعراوي حين عاد من لندن عام ( 1931 ) عارضا عليها مساعدته للنهوض بوضع المعمل الذي تعثرت اعماله ، فكانت اجابتها ان يعمل على ادارته كما يشاء ، الا ان رفضه كان قاطعا لهذه الصيغة من التعامل . وفي العام ( 1935 ) شاءت المصادفات ان يكون الصدر احد اعضاء لجنة شكلت لهدم مصنع (الشعراوي ) المغلق لعدم صلاحيته للتشغيل .
وهكذا كانت المحاولات الثلاث الرئيسية التي سبقت ظهور الصدر ، وكأنها دقات تلاث ايذانا بازاحة الستار عن ساحر الاواني :
- محاولة وليم دي مورجان
-محاولة سينور سورناجان
-محاولة هدى شعراوي التي انتهت سنة 1930 ليبدأ الصدر دوره عام 1931 .
ان اعمال الصدر ، في المقارنة مع التجارب السابقة، ومنها الخزف الفاطمي(969 – 1171) بما فيه من خشونة وغلظة ،تظهر اضافاته الفنية على صعيد الموروث، كما انه لم يقم بمحاكاة او استنساخ الخزف الاوربي ، اذ لم يكتف بالانبهار ، ولم يخطر بباله ان الخزف الاوربي اكثر تقدما من الخزف التقايدي ، كنتيجة للتفوق التكنولوجي للبلاد الاوربية كما يحدث عادة للفنانين حيث تبهرهم تقنيات الشعوب المتقدمة . (19 )
واستمرت المحاولات في انشاء المصانع لانتاج الخزف الصناعي ، ففي عام ( 1939 ) اقام ( كانيلاتوس ) مصنعا لانتاج الطوب الحراري والمواسير الفخارية والمعالجة بطلاء ملحي لاغراض صناعية ، كما انشيء مصنع ( سيجوارت ) لانتاج المواسير وبعض البلاطات القاشانية لتجميل الواجهات المعمارية . وقد ادخلوا خلطاتهم الطينية الاسطوانية المحلية ، مع الطينة الاسوانية ، الى جانب الطلاءات الرصاصية .
وكان للحرب العالمية الثانية اثرها في الحياة العامة ، كما اثرت في المسارات الفنية والثقافية ، ومنها فن الخزف ، حيث اثرت على الوضع العلمي انذاك - اذ اوقفت البعثات في اوخر الثلاثينيات وحتى نهاية الحرب . فضلا عن توقف النشاط الفني والانشغال بظروف الحرب .
وما ان وضعت الحرب اوزارها حتى بدأ الدولة ببعثاتها الفنية ، الى اوربا ، للتعرف على واقع الفن وحداثاته السائدة ، فضلا عن اكساب الخبرات العلمية والتقنية التي تواكب روح العصر . وكان من بين المبعوثين الفنان عبد الغني النبوي الشال الذي اوفد عام ( 1945 ) الى انجلترا . ( 20) لقد اسهمت الحرب في شحذ العقول المصرية ، اذ ان ظروف الحرب ادى الى انقطاع استيراد الخزف مما وجه التفكير الى البيئة المحلية ، حيث تم اكتشاف طينة ( سيناء البيضاء ) لتكون مثار ابحاث علمية في المركز القومي للبحوث ،والتي اثبتت انها صالحة للانتاج ، وكان ذلك منذ عام ( 1948 ) حيث اكدت البحوث صلاحية الخامات المصرية لانتاج الخزف الراقي والحراريات . ( 21 )
تبع ذلك انشاء الشركة العامة لمنتجات الخزف ، مثل انتاج الادوات المنزلية والعوازل الكهربائية ، فضلا عن محاولات انتاج الخزف الصيني عام ( 1957 ) .
وفي هذا الاطار ، يقول الكتور باسل فاضل (( لقد لقي فن الخزف الكثير من الاهتمام من قبل الحكومة المصرية وولاة الامور ، اذ ادخل كمنهج في مراحل التعليم المختلفة ، كما زاد الاهتمام بالبحوث الاكاديمية والحصول على درجة الماجستير والدكتوراه فيه وخاصة في العشرين عاما الماضية )) ( 22 )
ولن ننسى ان نذكر جهودا خاصة في تاريخ الخزف بمصر منذ منتصف القرن العشرين . فقد قام حسن حشمة مصنعا للخزف اثناء الحرب العالمية الثانية ، اذ لم تمنعه ظروف الحرب عن اسهاماته الجادة والفاعلة في تطوير مسيرة هذا الفن .. خاصة اثر الانظمة التقنية ودخول التكنولوجيا والمهارات التكنيكية في الاشكال الاستخدامية وعلاماتها الجمالية والفنية بما لا ينفصل عن التحديث العام في الذائقة الاجتماعية . فالخزف لم يعد محض سلعة ، بل صار علامة تقارن بالفنون المستوردة ، الى جانب اثر المظاهر الفية الجديدة للتحديث العام في مصر .
كما كانت هناك العديد من التجارب ، كتجربة الفنان ( احمد شعير ) في بناء مصنعه في مصر القديمة والذي توقف عن العمل بعد وفاته .. كذلك اقام ( فتحي محمود ) مصنعه الذي مازال مستمرا ً بالانتاج الى يومنا هذا وقد عهد بادارته الى زوجته ، وكذلك مصنع ( الفولي ) في مصر القديمة .
لقد كانت مساهمة الخزافين المصريين في المعارض والمحافل الفنية بمختلف دول العالم اشارة بوحدة منابع الفنون مع الاعتراف بالخصوصية الذاتية ومكانة الرؤية الخلاقة للذات المبدعة . فقد كانت مشاركات الخزاف المصري ( منير مصري ) يتوازن مع القيم الانسانية والمعايير الجمالية التشكيلية لفنون القرن العشرين ، وكبداية لفن جديد يحقق هوية وذاتية المبدع بصورة مكملة لوحدة وعالمية الفن واثر الحديث في الابعاد الفنية والجمالية . وهكذا ستظهر فعاليات عديدة مثل بينالي ( القاهرة) الدولي للفنون التشكيلية .. وبينالي الخزف الدولي ، وبينالي الكرافيك الدولي ، مما ساعد على اشتراك بلدان العالم في هذه المعارض ، ودخولها في حوار الافكار والاساليب والمدارس المعاصرة ، واثر ذلك في إ ثراء التجربة التقنية والفنية المصرية المعاصرة . كما كان لأنشاء المتاحف الخاصة بالفنون التشكيلية التي فتحت ابوابها بالمجان اثره في التطور الابداعي ..ومنها على سبيل المثال : متحف الفن الحديث ، متحف محمود خليل ، متحف الخزف ، متحف النوبة ، ومتحف 6 اكتوبر ، مع العديد من المتاحف في المحافظات . كما ظهرت بعض المتاحف الخاصة بخزافيين معاصرين ، ومتخصصة بعرض الاعمال الخزفية وبعض المقتنيات الخاصة بالرواد في مصر . وابرز هذه المتاحف هو متحف الخزاف المرحوم د . نبيل درويش .( 23 )
لقد كان درويش احد تلامذة الخزاف سعيد الصدر ، الذي رعاه واولاه عناية خاصة . ولان الخزاف درويش ادرك بما يمتلك من موهبة واخلاص ، ان الخزف شديد الارتباط بفن النحت والتصير ، فقد ادى ذلك الى التحاقه ، وفي اوقات فراغه ، بالقسم الحر بكلية الفنون الجميلة ، حيث كان طالبا انذاك ، كما ان دروسه في فن التصوير التي تلقاها على يد الاستاذ ( احمد زكي ) ودروس النحت التي تلقاها ايضا على يد الفنان ( جمال السجيني ) افادته كثيرا في تطوير مهاراته الفنية في فن الخزف وجعلت منه نحاتا بارعا .
وقد قالت عنه الكاتبة ( روضة سليم ) - : (( ان اعماله تشدك حتى تصل اليها وتقف امامها فتجد لزاما عليك ان تمعن النظر فيها . لقد برع هذا الفنان في مجال النحت الخزفي مستقيا ً اشكاله من الفنون الشعبية ومفرداتها البسيطة ، وحازت مجموعته الفنية المتمثلة بمجموعة العرائس الفخارية المعلقة على اعجاب مشاهديها وخاصة في مرحلة السبعينيات))
وعلى الرغم من الاثر الكبير الذي تركه استاذه عليه ، على صعيد افكاره الفنية ، الا انه اتجه الى الطبيعة واعتبرها معلمه الاول . فقد ادرك ان الجمال هو تعبير عن نشاط خفي ينمو ويتطور وفقا لنظام ، والنظام يتضمن معاني التوافق والتماثل والتجدد والتوازن في العلاقات والانسجام في النسب .
لقد كان لهذا الفنان الكثير من البحوث في مجال الاطيان ، اذ اكتشف في (الكويت ) (24) اطيان ذات طبيعة رملية وصالحة للابداع الخزفي المحلي ، وكانت دعوته للفنانين الكويتيين في استخدام الطينة الكويتية المحلية ، كلما كانت زيارته الى كل من ( ايران والعراق وتركيا وسوريا ولبنان ) سعيا وراء منابع فن الخزف الاسلامي والعربي الذي هو على حد قول الناقد ( مختار العطار ) - : الاصل الحقيقي للتجديدات التي نشاهدها الان في اوربا .
ولأن الخزاف درويش يدرك ان الخزف يجب ان يحقق القيم التشكيلية لعمله عن طريق معاناة الخلق الفني وعبر فيزياء الخزف وكيمياء معادلاته وتكنولوجيته ، وطريقة الحرق والتحكم بالحرارة ، فان الخزاف يجب ان يتمتع بالخبرة التي تستغرق وقتا طويلا ، فكان نتاج درويش وخاصة في مجال ( الاختزال والتطعيم ) دليل واضح على ما تقدم . لقد توصل الفنان وعبر ثلاثين عاما من العمل المتواصل في مجال الخزف ، الى ما لم يتوصل اليه خزاف آخر ، تقنية ( الفوهة السوداء ) التي كانت مستخدمة في اواني ما قبل الاسرات . وقد كان لهذه التقنية النصيب الاوفر في دراسته العليا ( الدكتوراه ) فقد فض اللثام عن الطريقة التي إتبعها قدماء المصريين في صنع فوهاة سوداء لانيتهم ، ويعد ذلك كشفا علميا مزدوجا ، على مستوى الاثار والخزف .
وقد استمر الخزاف بتجاربه الفنية المميزة حتى انك لترى انجازات فنية من خزفياته جمع فيها ما بين تقنيتي التطعيم والتدخين في آن واحد .
لقد كانت اعماله تضاهي اعمال ( هامادا) ، بل ان الاخير عجز عن تحقيق ذلك الاحساس بالالوان المائية على الطلاء او ( --- الاسود ) المعروف (بالبلاك ميرور ) ، وحيث فشل ( هامادا ) نجح درويش ، فقد تمكن درويش من توظيف اللون الاسود على خزفياته دون تاثير واضح على الالوان الشفافة المحاذية له .
والفنان درويش يرفض امرين ، اولهما ما يسمى ( بالشكل الحر ) والاخر ما يسمى ( بالصدفة ) . كما يرى ان كلا من هذين الامرين يتنافى ومفهوم الابتكار في فن الخزف ذلك لانه يجد ان فن الخزف كباقي الفنون الابداعية ، اذا ما انحسر عنها الانسان ، انتفت عنها صفة الانسانية ، ومن ثم ما عادت فنا ً .
وفي هذا السياق ثمة شهادة دونها استاذه الصدر جاء فيها - : ( انني اراه بدون اي تردد أو تأرجح في الرأي أو مجاملة لشخصه ، فدرويش عاش ويعيش في تعبد كامل لفنه الذي اختاره لنفسه وان الدم الذي يجري في عروقه يتميز بالصفاء الكامل المتزن بكل ماهياته الطبيعة من علوم الجمال وفنونه وما لها من اعمال لها اصالتها النابعة من الاعمال البعيدة ، ومن التقاليد التي يعيشها انسان وادي النيل ) ( 25 )
وتأتي تجربة ( حسن حشمت ) في سلسلة التجارب الخزفية المصرية المعاصرة ، اذ استطاع ان يحول خامة الخزف من مجرد آنية الى النحت التجاري أو النحت الخزفي كمنتج صناعي ، او البورسلين ، مما اسهم في مساعدة الطبقة الوسطى لأقتناء اعماله لقلة كلفتها . ( 26 )
وللدكتور الخزاف الباحث عبد الغني النبوي الشال شأن كبير في تطوير فن الخزف المصري المعاصر ، اذ ان كتاباته الفنية ، في مجال الخزف ، وعمله في تدريس هذه المادة في كلية الفنون التطبيقية ، حيث كان لدوره التربوي والفني الاثر في طلابه واساليبهم الابداعية .
اما ( عبد الكريم ) النحات والخزاف والمصمم الاعلامي ، فقد اضاف الى تجربته في فن النحت الخزفي قيما جديدة في استخدام المادة المتنوعة والمختلفة ، والتي اسهمت ببصيرته النافذة على ابتكار رؤية حديثة في الخزف عبر التنويع والسطوح والكتل والحجوم وحركتها على مساحة العمل الفني في اطار المعمار الاساسي للتقنيات التركيبية ، وصلابة مفرداتها البنائية .. ومع كل التنويع ( في التركيبة ) فان هنالك اندماج بين عناصر عمله الفني ، وخصائصه المضمونية ، على الرغم من المظهر التجريدي للوحدات التي تصدم العين غير المدربة على مثل هذه الاشكال .
والخزاف ( سيدعبد الرسول ) فقد اعتمد الطابع الشرقي المميز في انتاجه وخاصة في خزفه ذو البريق المعدني ، في منحوتاته الخزفية ، اذ تبدو الحساسية والدقة من ناحية الصياغة وبناء الوحدات الشكلية منسجمة ورؤيته الجمالية من ناحية ثانية .. كما تجمع تجربته بين استعارات الفن المصري القديم وبين المنمنمات والرسوم الشعبية على الجدران .. وقد قاده البحث في اللون بالدرجة الاولى الى ادراك عميق بالبيئة وبمكوناتها . ( 27 )
والفنان الخزاف ( حسن عثمان ) اعتمد ، في تجاربه ، الاتجاه الموضوعي : التجهيز في فراغ معد ، حيث استخدم الخامات من خلال الوسيط الخزفي جامعا النحاس والخزف ، وبين المسطح والمجسم في عمل تعبيري متكامل لخلق جو عام زاخر بالاحاسيس والرؤى والافكار الذاتية . كما استخدم مجموعة من العناصر المختلفة في التشكيل تجمع بين الاشكال الهندسية والعضوية ، وعبرمجموعة من التقنيات المتمثلة في عملية التشكيل والصياغة وطريقة توزيع العناصر ، وطرق تطبيق الطلاء الزجاجي باسلوب تعبيري بما يحقق فكرة العمل الفني . ( 28 )
وفي مجال تنوع الانظمة واثرها على الاشكال والعلامات نجد الخزاف (محمد طه حسين ) يستلهم الاشكال والرموز الشعبية للاواني بعد معالجتها بالتقنيات الحديثة ، معبرا عن شخصيته وانجذابه لعراقة الموروث الشبي وعلاقته بالانسان والارض . فقد قام الفنان بأخذ مجموعة من الاشكال الشعبية وتركيبها ومعالجة سطحها بالملامس والالوان لكي يوضح فكرة العمل التعبيري بما تنسجمد مع اسليب الحداثة .
والفنان ( محمد الشعراوي ) ، في اسلوبه التركيبي والتجميعي ، يستمد رؤيته من اثر البيئة العربية في الصياغات الخزفية ، كاستلهام البيوت الشعبية ببساطتها ، وبدلالاتها الرمزية . كما راح يحورها الى حروف عربية مجسمة في هيئة تكوين يجمع بين البساطة والتعقيد ، مستخدما عناصر الخط والفراغ الداخلي والخارجي والملمس كأساس لبناء تشكيلة تفصح عن رؤية الفنان والجمالية .( 29 )
وللفنانة ( مرفت السويفي ) صلة بالاسلوب الموضوعي ومعالجة الاشكال داخل الفراغات ، معتمدة اسلوب التوليف ليساعدها على تحقيق رؤيتها التعبيرية التي جسدت فيها عن نهاية القرن العشرين ، فاستخدمت الاسياخ الحديدية والاشكال الخزفية من خلال عناصر مختلفة تجمع بين الشكل العضوي والشكل التجريدي معبرة فيها عن مآسي هذا القرن . (30)
ان الاشارات التاريخية لتطور فن الخزف في مصر ، كما في غالبية الاقطار العربية ، مرت بمراحل استندت الى مجموعة التطورات والانتقالات أدت الى ظهور بواكير التحديث وصولا الى تجارب لها بناها التقنية والفنية على صعيد علاقات الاشكال بالانظمة الابداعية . فاذا كان الاحتكاك المباشر ، مع اوربا ، يؤشر خصائص المرحلة الاولى .. فان تأسيس المشاغل ، والمحترفات ، واهتمام الدولة بالمعاهد الفنية ، له اثره في ظهور اسماء وتجارب اشتغلت بانظمة مغايرة للفنون التقليدية . تبعها ارسال بعثات لدراسة الخزف في مختلف بلدان اوربا ، والعودة بخبرات وافكار اسهمت بخلق قاعدة جديدة عملت على اجراء مداخلات ومحاورات بين الموروث المصري القديم والوسيط والتراث الشعبي مع انظمة الحداثة السائدة في اوربا .. وقد عكست المهرجانات الدولية والقومية والقطرية عبر التجريب والتنوع والغزارة في المنجز الفني والصناعي ، عن تعددية في انظمة التقنيات والاساليب الفنية والابعاد الجمالية. فهذا التنوع ادى الى ظهور مهارات فردية استثمرت خبرتها بابداع اشال تتوازن فيها المرجعيات والاضافات المعاصرة . فمن الصعب دراسة المشهد الخزفي العام خارج دراسة التجارب الفردية ، التي رسمنا سياقها عبر التحولات الاجتماعية ومجمل المتغيرات الثقافية والاجتماعية . فتاريخ الخزف المصري واصل تأثيراته ، كنظام يمتلك علاماته المتوازنة وخزينه المعرفي ، الى جوار الاساليب المعاصرة ، في بلورة مساحة متشعبة من الريادات والمغامرات الفنية ، وصولا الى بلورة الاساليب الاكثر تقدما على صعيد التقنيات والمعالجات المعاصرة .







المصادر


1. توماس مونرو ( التطور في الفنون ) ترجمة : لجنة من الأساتذة الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر . 1971 \ ج1 ص426 .

2. محمد محمد محمود (( الأتجاهات الفنية الحديثة وأثرها في تحديث المفهوم الخزفي لدى طلاب كلية التربية الفنية جامعة حلوان – رسالة دكتوراه – 1999ص13 .
3. كمال الملاح – رشيد أسكندر ( 50 سنة من الفن ) دار المعارف بمصر \ 1962 ص 150 وما بعدها .

4. نوماس مونرو – مصدر سابق ص406 وما بعدها .

5. محمد محمد محمود \ مصدر سابق \ ص115 .

6. ساحر الأواني \ الفنان سعيد الصدر \ مختار العطار \ 1979 \ القاهرة \ مطابع روز اليوسف ص27 .

7. فن الخزف / أ. د عبد الغني الشال / جامعة حلوان – 1988 ص 27

8. . سعيد الصدر / مصدر سابق – ص 29

9. مركز انشاء مصنع الودي بمنطقة الجيزة / اظر : الصدر – مصدر سابق ص 30

10. سعيد الصدر / مصدر سابق ص 30

11. د. عبد الغني الشال / مصدر سابق ص 28

12. اختارت الشعراوي مكانا لمصنعها في منطقة ( روظ الفرج ) على النيل بجوار المسارج التي كان يغص بها الشاطيء .. وايضا بجوار مصنع ( ما را نجاكس ) اليوناني _ انظر عبد الغني الشال – مصدر سابق ص 29 وكذلك سعيد حامد – ساحر الاواني ص 45

13. ساحر الاواني / الفنان سعيد الصدر – مختار العطار ص 32 د. ت

14. احد الرسامين الذين ارسلتهم السيدة الشعراوي على نفقتها الخاصة الى ( سيفر ) في فرنسا . انظر د. عبد الغني الشال – مصدر سابق ص 31
 وتوقف هذا الفنان عن العمل سنة 1930 بعد ان دار حديث عن استغلال العاملين في المصنع للخامات والاجهزة لأنتاج وتسويق السلع الخاصة بهم ، فدب الخلاف ورفض الاستمرار في العمل – انظر : الصدر ساحر الاواني ص 35 مصدر سابق

15. سعيد الصدر – مصدر سابق ص 52

16. من هولاء الرواد : المثال محمود مختار والمصور احمد صبري ، وكذلك الفنان راغب عياد واحمد يوسف . انظر : دليل بينالي بيروت ص 22. ودليل معرض بينالي بيروت للفنون التشكيلية ، المعرض الفني التشكيلي الحديث – قصر الاونيسكو – بيروت 1999 ص 4

17. الصدر – مصدر سابق ص 82

18. الصدر – مصدر سابق ص 52

19. فن الفخار / د. عبد الغني النبوي الشال – مصدر سابق ص 32

20. عبد الغني النبوي الشال – مصدر سابق ص 80

21. مقابلة مع د. باسم فاضل ( مهرجان بينالي بغداد – فندق ميردان 2002

22. متحف نبيل درويش / موقع على الانترنيت .

24 – اعير هذا الفنان منذ عام 1973 – 1976 للعمل في الكويت كمدرس لمادة التربية الفنية – مقابلة مع زوجة الفنان في متحف نبيل درويش 2003

25 . جريدة عن د. نبيل درويش

26 . دليل المقتنيات الفنية للبنك العربي – مطابع الاهرام – مصر – اول مارس 2000 ص 60

27. الفن التشكيلي المعاصر في الوطن العربي / شوكت الربيعي / دار الشؤون الثقافية – بغداد 1986 ص 28 - 29

28 . محمد محمد محمود / مصدر سابق ص 104

29 . المصدر نفسه 106

30. المصدر نفسه ص 107


http://www.babil-nl.org/ga51x031.htm

_________--------________--------__________----------_________

فن الخزف في العراق

اقترنت بواكير التجارب الفنية التشكيلية الحديثة في العراق ، بنهاية القرن التاسع عشر . فبعد أن بدأت الدولة العثمانية بالتداعي ، وبزوغ هيمنات جديدة متمثلة ببريطانيا العظمى ، كانت التجارب الفنية الأولى تؤسس ملامح مناخات فنية تواكب التحولات الاجتماعية والسياسية والثقافية . فقد ظلت بغداد منطوية على ارثها المتنوع من البناء الروحي التحتاني ، وذلك على الرغم من تدهور أوضاعها الظاهرة .. ( 1 ) ، فكان الفضل في هذه البدايات ، وهي تجارب تقليدية ، كما يقول الفنان والكاتب نزار سليم ، الى عدد من الرسامين الهواة ، اشهرهم عبد القادر الرسام الذي كان ضابطا في الجيش العثماني وزملاؤه الحاج محمد سليم ، ومحمد صالح زكي ، وعاصم حافظ ، ممن تعارف على تسميتهم بالأوائل . وقد أثار هؤلاء اهتمام الشباب في الرسم وتم إرسال ذوي المواهب منهم الى أوربا لدراسة الفن ، وأخذت سمات بداية الحركة الفنية الجديدة تتبين عند افتتاح فرع الرسم في معهد الفنون الجميلة عام 1939 وتأسيس فرع النحت بعد فترة وجيزة . ( 2 ) ولكن كيف تحقق ذلك كله ؟ يكتب الأستاذ جبرا إبراهيم جبرا : (( في عام 1931 ، وبعده ، أرسل بعض ذوي المواهب الى أوربا ( كأكرم شكري وفائق حسن ) لدراسة الفن . وجعلت سمات الحركة الفنية الجديدة تتبين عندما افتتح معهد الفنون الجميلة .. وأسست جمعية أصدقاء الفن عام 1941 ، فضمت عددا من الرسامين والهواة يسرت لهم عرض انتاجاتهم . وأرسلت بعثات فنية أخرى متزايدة . .. )) (3 ) وظهرت الجماعات الفنية : جماعة الرواد ملتفة حول فائق حسن عام 1950 / وجماعة بغداد للفن الحديث عام 1951 ملتفة حول جواد سليم عام 1951 / وجماعة الانطباعيين ـ التي أرادت فنا مستقى من الطبيعة والهواء الطلق ـ ملتفة حول حافظ الدر وبي عام 1952 ، وكان الدر وبي قد افتتح مرسما حرا عام 1942 ، وكان من المقرر له أن يكون نواة لمشغل فني كبير إلا أن هذه المحاولة لم يكتب لها النجاح بسبب تكوين العلاقات الاجتماعية وطبيعتها اليومية فالمرسم الحر يلزم الفنان بالعمل داخله في جو أكثر صرامة وضغطا على حريته في حين كان ميل الفنانين وقتذاك نحو الخروج الى ضواحي المدن في الحقول والأرياف والمرتفعات والجبال .. ( 4 ) . وظهرت جمعية الفنانين العراقيين عام 1956 .
وفي الستينات ، الى جانب معهد الفنون الجميلة ، تأسست أكاديمية الفنون الجميلة لكي تلحق بجامعة بغداد ، وتضاعف عدد الموفدين الى الخارج لدراسة الرسم والنحت والخزف بعد ذلك .
بيد أن هذه التجارب في الرسم والنحت مهدت لظهور تجارب في فن الخزف ، بعد أن كان مفهوم الفن الحديث قد تبلور بصورة تقريبية .. فيرى الأستاذ شاكر حسن آل سعيد أن معنى ( فن حديث ) لا ينفصل عن الرؤية المعتمدة على مبدأ محاكاة العالم الخارجي في الرسم ، وهو ما يطابق المفهوم الأوربي في الرسم ، أي الأسلوب الذي ظهر منذ بداية عصر النهضة الأوربية واستمر بالتطور قرابة خمسمائة عام ثم اخذ بالتحول نحو الأساليب الحديثة في نهاية القرن التاسع عشر ، ولكنه من ناحية ثانية ارتبط بالرؤية الجديدة في الفن الأوربي والتي أخذت تتجاوز مبدأ مطابقة الطبيعة لتعبر عن واقع الفنان العالمي في عصر العلم والتكنولوجيا .
إن المشهد التشكيلي العراقي ، خلال القرن الماضي ، لا يختلف كثيرا عن المشهد التشكيلي العربي في مصر أو سورية أو المغرب العربي ، في بلورة ملامحه البنيوية والأسلوبية .. فالتحديث ( والحداثة بعد ذلك ) في الفن العراقي ارتبط بحالتين : الأولى : محاكاة الفن الأوربي على العموم . والثانية : محاولة اكتشاف عناصر التجديد والمعاصرة واستلهام التراث الحضاري المحلي والعربي ، وصولا الى ما يمكن تسميته بالمدرسة العربية المعاصرة في الفن . ( 5 ) وهذه الإشكالية ، في عصر التحولات ، ستدفع بالمغامرة الإبداعية نحو التجريب ، بدل الاستقرار ، ونحو الرؤية الفلسفية لجماليات تواكب طبيعة العالم وتقلصه الى مساحات مرئية ، على صعيد الماضي أو بفعل المخيال نحو المستقبل ،بدل التوقف عند الثوابت أو التكرار .. فحرية البحث الفني ، في التشكيل العراقي المعاصر ، لم تتقاطع مع البيئة ، والموروث الشعبي ، والحياة اليومية بتنوعها الاجتماعي وغليانها السياسي ، وفي الوقت نفسه ، كانت العلاقات مع الإبداع الإنساني ، دافعا عميقا للحوار الحضاري ، بدلالاته الدينامية والتاملية والانطلوجية . ولعل جذور الفكر الديمقراطي ، في ماضيها السومري ، لم تتبلور ، كما تبلورت في خمسينيات القرن الماضي ، وأثمرت ، صياغات تشكيلية مازالت حجر الأساس في معمار الحركة التشكيلية عامة ..( 6 ) وهو الذي سينعكس في دوافع عمل الخزاف العراقي في تجاربه الحديثة .
ولعل دراسة الدكتور بهنام أبو الصوف الرائدة في الخزف العراقي القديم ، تكون قد تزامنت ، مع البدايات العملية لهذا الفن . فيقول أبو الصوف انه اختار مادة الفخار موضوعا لدراسته ، لأن الفخار في حضارات ما قبل التاريخ ( حضارة ما قبل التدوين ) تعتبر مادة أساسية وحيوية لتقدير عمر الموقع الاثاري ، أو البناء الاثاري ، أو ربما العصر بأكمله .. ان دراسة الأستاذ بهنام أبو الصوف ( فخار عصر الوركاء ) تعد المدخل النظري للتطبيقات العملية ولدراسات النظرية التالية . فقد أراد التأكيد على أصالة هذا النوع من الفخار العراقي ؛ ونشوئه وتطوره محليا في أعماق تربة وادي الرافدين شمالا ووسطا وجنوبا .. فمن هذا الموقع انتشر شرقا نحو مواقع إيران ، وشمالا الى سورية ، واسيا الصغرى ، وغربا دخل بعض مواقع مصر عن طريق فلسطين وسيناء ، أو عن طريق الخليج العربي والبحر الأحمر . ( 7 )
ورسالة الدكتور بهنام أبو الصوف توضح أن فخاريات عصر الوركاء بكل أنواعها ( الحمراء / الرمادية / السوداء / والخالية من الأصباغ أي غير المزوقة والأخرى البدائية ) كلها أنواع لصناعة واحدة عرفت أصولها في أواخر عصر ( العبيد ) السابق ، كما ان بعضها قد عرفته تقاليد صناعات الفخار العريقة في العراق منذ الإلف السادس ، كما هو معروف من مواقع ( حسونة ) و ( نينوى ) و ( تل الصوان ) وان هذه الأنواع عملت محليا من طينة محلية وأحرقت بكور فخار في مواقع معينة من مناطق العراق القديم المشهورة بهذا الفخار .. وان ما وجد من هذه الأنواع من فخاريات عصر الوركاء في الأقطار المجاورة ، شرقا وشمالا وغربا ، تظهر فيها تقاليد صناعة فخار الوركاء العراقي ، فهي مقلدة لتلك ومحاكية لها ، بالشكل والنوع والصنعة . ثم ظهر لنا أن صناعة الفخار المتعدد الألوان ، والذي أتى في نهاية عصر الوركاء في وسط وجنوبي العراق ، والذي يعرف بفخار ( جمدة نصر ) هو امتداد لصناعة فخاريات عصر الوركاء وتقاليدها .. وان عودة التلوين المتعدد في هذا النوع من الفخار هو تقنية عراقية معروفة سابقا ، وكان اختفاؤها خلال عصر الوركاء بسب طغيان استخدام دولاب الخزاف السريع لإنتاج الفخار بشكل موسع ولأغراض الطبخ والخزن ، وكذلك بسب دخول عنصر جديد في حياة هذا العصر هو استخدام ( النحاس ) بالذات لإنتاج أوان وقوارير دقيقة الصنع وغالية الثمن لإغراض الزينة ، ولحاجات المعابد . ( 8 )
إن هذا الموروث ، الى جانب الحداثات ، والتقاليد الحرفية الشعبية ، شكلت منحى تجريبيا في الأعمال الخزفية الجديدة . ولكن ثمة نزعتان تتداخلان في بلورة الشكل الخزفي ، في ماضيه القديم ، وفي التجديدات التي حصلت منذ أواسط القرن العشرين ..(9 ) فعلى الرغم من الفارق الزمني بين العصور الحضارية الأولى ؛ تلك التي كان الفن فيها لا ينفصل عن المعتقدات ومجمل التاريخ الاجتماعي ، والعصر الحديث الذي حاول فيه الفنان تقمص أقنعة الماضي ، دفعت بالفنان الى ابتكار معالجات لا تنفصل عن التنوع والاختلاف والأنظمة الفنية والأبعاد الجمالية لغايات الفنون الحديثة : إن قراءة الحاضر تتطلب مهارة في تمثل القيم الأولى : حساسية تجاه عوامل الإبداع ( 10 ) فيرى ( ميشال ديرميه ) إن العمل الفني له زمانه وله طريقته كي يكون في زماننا ( 11 ) فالحاضر هو امتداد غير منظور لكثافة الحساسية ، والبدائية الكامنة في الأعماق . الأمر الذي جعل التحديث يتخذ أسسا موضوعية ، وما التجديد أو الابتكار ، إلا نزعة متمردة تخص الرؤية والتقنيات معا ، في فضاء المغامرة الإبداعية . ( 12 )
ويذكر ( أندريه بارو ) الحقائق التالية (( ... وبتطور فن التزجيج في العصر الآشوري تم اغناء هذه النحوت المقولبة بتعدد الألوان الذي استعمل أيضا للتفريق بين مختلف مراحل الزقورة . في خرسباد ( العصر الآشوري ) وبورسيبا وأور ( العصر البابلي الحديث ) وبابل ( العصر البابلي الحديث ) وهي المدينة الوحيدة التي زينت فيها واجهات المعبد الأعلى بآجر مزجج باللون الأزرق . وبالإضافة الى الآجر المقولب المستعمل في النحوت الناتئة ( مزججا كان أم غير مزجج ) تم استعمال طراز آخر من الزخرفة يتألف بكل بساطة من اجر مزجج متعدد الألوان صورها خالية من النتؤ . ولقد عثر على نماذج جميلة جدا لهذه الصيغة الفنية في جملة من المواقع : في نمرود ( موكب ملكي وشجرة مروحية ، وفي أشور ( الإله أشور في هالة وهو يسحب سهمه ) ، وعربة وخيولها ، وفرقة عمل ، ووعول على كل من جوانب الشجرة المقدسة ، وكاهن أمام مذبح للنار ، ومتعبد أمام الإله شمس . وفي خرسباد( الجن المجنحة ، وسطل الماء المقدس ، على البوابات ، ومواكب في المعابد ) . وكانت هذه المزججات المتعددة الألوان تطبق على الزينات الفخارية ليس في بلاد أشور حسب ، بل وفي بلاد بابل وعيلام أيضا )) ( 13 ) فقد كان فن الخزف احد مظاهر الحياة اليومية على صعيد المعتقد والحياة الاجتماعية . وعلى صعيد التقنيات أيضا ، فيذكر بارلو مثلا (( كان الطين الذي يستعمله الفخار يتم تحضيره بعجنه في الماء وبإضافة مادة مقوية إليه . أو قاصرة للونه من أمثال الرمل أو مسحوق الكلس والقش المثروم أو مسحوق الكسر الفخارية التي تقلل من مرونة الطين وتجعله أيسر استعمالا )) وهكذا سيتميز الخزف الرافديني بمصطلحات غاية في الدقة لم تتبلور إلا بعد أن تكاملت رؤية الخزاف وفلسفته العامة .
إن الإشارة لهذا الموروث ستفسر علاقة الخزاف المعاصر بجذوره . كما تؤكد ان التطور الذي حققه الخزاف العراقي يرتبط بالإرث والمرجعيات بما تتمتع به من أنظمة وتقاليد حرفية راسخة ولم تغادر الذاكرة ا, الخزين الداخلي . فعلى الرغم من التحولات الاجتماعية والمغيرات الأخرى ،إلا أن اثر المادة الفنية والبيئة والرؤية الإبداعية كلها ستدخل في سياق بلورة الشخصية الفنية الحديثة . فالمكتشفات الآثارية أعادت لنا التسلسل الزمني لحضارات وادي الرافدين ، وعمقت مفهوم النمو غير المباشر للأسلوب .
وعندما نتوقف عند بدايات الخزف الحديث في العراق ، لابد أن نتذكر فترة الازدهار في العصر العباسي ، وتراجع صناعة هذا الفن في العراق لعوامل عدة منها تدمير المراكز الثقافية العراقية وسيادة موجات من الغزاة أدت الى الدمار الشامل ومنه الثقافي والفني .
وهنا يذكر الفنان جواد الزبيدي (( والى ما قبل أعوام قلائل لم يكن ما يطلق عليه تشكيليا اسم الخزف الفني عدا وجود معامل الفخار الشعبي البسيط والذي استمر يكرر نفسه في مشربيات وجرار وأواني الاستعمال وتبريد الماء ، وكذلك معامل الخزف القاشاني في المدن المقدسة مثل كربلاء والكاظمة )) ( 15 )
وبتأسيس معهد الفنون الجميلة ، وظهور عدد من الأساتذة ، تحتم ان يتأسس فرع للخزف . فكان عام 1954 البداية الفعلية في هذا المجال .. (( فقد طلب من الخزاف البريطاني ـ أيان أولد ـ تأسيس فرع لدراسة الخزف في المعهد . وفي العام 1955 تم فتح أول شعبة للدراسة في الفرع الجديد . وهكذا حمل الفرن الناري البسيط في حديقة المعهد كل وعود المستقبل )) وفي احتفال بسيط حضره الفنان جواد سليم وزيد محمد صالح وفائق حسن وغيرهم خرجت أول خزفية من الفرن المذكور (16 )
وخلال عام 1957 ، انتدب لإدارة فرع السيراميك في المعهد خزاف شاب تخرج حديثا في المدرسة المركزية للفنون والتصميم في لندن .. وهو الخزاف القبرصي المولد ( فالنتينوس كارالامبوس) وبقي فيه حتى عام 1968 ، حيث انتقل الى أكاديمية الفنون الجميلة ، وبقي الخزف في معهد الفنون برعاية أساتذة آخرين ممن تخرجوا أصلا فيه أو في الأكاديمية بعد ذلك ( 17 )
وستكون تأثيرات فالنتينوس واضحة في أساليب الخزف الجديد .. فكان الشكل الخزفي ( الفورم ) ـ كما يذكر الزبيدي ـ والدقة في المحافظة على التناسق الدقيق في النسب بين الفوهة والرقبة والجسم والقاعدة واختيار النقشات .. كل ذلك من تأثيرات فالنتينوس في البداية .
على ان الجذور الحقيقية لحضارة وادي الرافدين والحضارة العربية الإسلامية فرضت شخصيتها بعد مرحلة البداية بقليل ، وعلى فالنتينوس نفسه . يقول جواد الزبيدي (( وهكذا ما ان مر بعض الوقت حتى بدا هذا الماضي الحضاري للوطن العربي ولوادي الرافدين يفرض نفسه على أي تفكير وأعمال خزافينا السباب ، ومنهم فالنتينوس نفسه ، وبدأت محاولات استلهام الأعمال الرافدينية والإسلامية من ألوان وزخرفة وفكر : اللون الشذري / تكرار الوحدة الزخرفية /التوريقات النباتية / القوس الإسلامي / الخط العربي ، مثلا ، تظهر متفرقة في بعض الأعمال الخزفية .
ان الباحث يتساءل : هل كان الخزاف العراقي واعيا لعمله ولمرحلته ..؟ يقول الزبيدي (( ان وضع زخرفة إسلامية أو تاريخية على السطح الخارجي للشكل لا يعني إعطاء الطابع العربي أو الإسلامي ذي الاصالة )) كما يتطرق الى تأثيرات فن الخزاف البريطاني في المراحل الأولى فيذكر ان فالنتينوس عمل مع ( برناردليش ) وسعد شاكر مع ( روث دكورث ) إضافة الى دراستهما في لندن .
على ان مرجعيات وأبعاد شخصية الخزاف العراقي كانت تواجه هذه الإشكاليات بمزيد من التأمل والصبر . فقد كان البحث في الموروث يوازي ضرورة استيعاب وتمثل التجارب المعاصرة . كما ان الانتقال بالفخار من مراحله التقليدية السائدة ، ومن وظائفه الاستهلاكية ، الى الأبعاد الفنية والجمالية ، تطلب فترة زمنية غير قصيرة .
والى جانب معهد الفنون الجميلة تأسس دار التراث الشعبي عام 1970 باسم ( مركز التدريب الحرفي ) ليؤكد أهمية نقل خبرات ( الاسطوات ) الى الجيل الجديد . وكان لقسم الخزف والفخار دوره في استقطاب الأساتذة وفي تدريب الطلاب . والى جانب دور هذا المركز في الحفاظ على التقاليد الشعبية والمحلية ، فان اثر الموروث الشعبي كان واضحا في رسم معالم الخزف المعاصر في العراق ، فاستلهم الخزاف ( الفورم ) الموضوعات الشعبية والأسطورية والرمزية ، كما كانت لهذا التأثير ملامحه في بلورة الهوية الفنية . يظهر هذا في تجارب سعد شاكر نفسه ، وفي تجارب عبلة العزاوي ونهى الراضي وسهام السعودي وساجدة المشايخي .. الخ
وفي سياق تبلور تقاليد فنية تتوازن والفنون الاخري كالرسم والنحت استطاع أساتذة مثل سعد شاكر وشنيار عبد الله وماهر السامرائي وطارق إبراهيم ومحمد عريبي وتركي حسين .. الخ ان يذكروننا بالتقاليد الفنية الرصينة لعمل الخزاف في محترفه .. ومثل هذه التقاليد ستشكل الأساس غير المباشر ، والمباشر ، لازدهار حركة خزفية لا تقل أهمية عن الرسم والنحت .
في كتاب (( صناعة الخزف )) لجون ديكرسون نطالع الفقرة التالية (( ان صناعة الفخار فعالية فريدة في سحرها ، فهي توسع الخبرة على نحو لا نظير له بين الفنون الأخرى كلها . فالابتهاج الناجم عن جمال حركة التشكيل على دولاب الخزاف وفرصة الجمع بين فني النحت والرسم وإمكانية اكتشاف موضوعات كاملة في ما يحتاجه الرسام من وقت لتحضير قطعة القماش التي يرسم عليها ، هي من ابرز مفاتن الفخار ، إلا ان الفخار ينطوي على ما هو أكثر من هذا السحر .. فهو يوفر مصدرا غنيا ً للاكتشاف والتطور الذاتيين ، حتى للهاوي الذي لا يمارس العمل بانتظام . بينما يكون عمق نفاذ البصيرة هو مكافأة الفنان الأكثر أخلاصا في انغماسه . انه فن فريد لأنه يجمعنا في علاقة حميمية مع الطبيعة ـ فعلينا ان نقيم صلة وئام مع قواها الأساسية : الأرض والماء والهواء والنار . يعود الفخار بالإنسان الى الطبيعة ليكتشف قوانينها الأساسية وليجرب قواعد وتناغمات العملية الطبيعية التي يتوجب علينا في مواجهتها مراجعة عملياتنا الفكرية ومواقعنا وأذواقنا ، وان نختبر تكامل شخصياتنا ونعيد تقويم قيمنا باستمرار )) (18 )
مثل هذا التشخيص العام يلقي الضؤ على أدق التفاصيل الإبداعية عند الخزاف . وقد أدرك الخزاف العراقي ، منذ تأسيس قسم خاص للخزف ، وبعد انتشار مراكز الخزف والمشاغل والمحترفات ، ان هناك قيما أبداعية تكمن في هذا الفن القديم / الحديث . فقد أثر سعد شاكر في مسار الخزف العراقي باتجاه التقنيات المتقدمة ، بينما كان دور إسماعيل فتاح يكمن في مجال النحت الفخاري ، الذي قام بتدريسه في أكاديمية الفنون الجميلة . والى جانب القواعد والأسس في فن الخزف ، تداخل هذا الفن بالنحت على نحو خاص .. وهو جزء من إعطاء الخزف بعده التعبيري والجمالي .
وسنتوقف عند عدد من التجارب الرائدة ، وفي مقدمتها تجربة الأستاذ سعد شاكر .فبعد تجاوز الفنان للشكل الخزفي الاعتيادي ذي القيمة الاستهلاكية ، اخذ يركز على القيم الجمالية في أعماله ، وقد كتب الناقد الإنكليزي ( دان ابايد ) ، في دليل معرض الفنان عام 1964 : - (( ان خزفياته وفخارياته تكشف عن تحفظ واع من جانبه في تعامله مع المادة التي يستعملها ، وتكشف أيضا عن هيمنة على فنون صناعته وثقته ومعالجته غير المعقدة للمشاكل الجمالية الخاصة بفن الفخار )) ويضيف (( هذه الهيمنة المخلصة ، على ما يعمله وما يريد تنفيذه ، درس رائع في الإخلاص ، فالفنان الحقيقي يعبر دائما عما يجول بذهنه ، حتى لو أدى به الأمر الى ان يطيح بشتى الآراء الذائعة وهو بهذا يعطي للآخرين درسا ً في الحقيقة )) ( 19 ) وقد كتب الناقد محمد الجزائري بهذا الصدد (( إذا كانت رحلة التجربة الخزفية لدى سعد شاكر قد عمقت لديه الإفادة من الشكل وتحرير المضمون من قيمته الانتفاعية الضيقة والخروج به الى قيمة تعبيرية تستثمر عناصر الطبيعة والنبات .. فانه جذّر علاقته بالإنسان وقضاياه الظرفية الملتهبة ضمن وعي فن القضية وذلك بالانتفاع من السيراميك وتحويل قيمه المضمونية ، تعبيريا ً، الى مدلولات سياسية ظرفية .. ففي فترة ما كان الفنان سعد شاكر يجد في الأصداف والنباتات البحرية والقواقع المتحجرة مصدرا ً ثريا للإلهام .. ثم وهو يعمل بالصلصال بعيدا عن العجلة يبدع ويرتفع الى تحقيقات تشكيلية ذات صفات نصبية رائعة )) (20 )
وقد قال فالنتينوس (( أشكال سعد شاكر مجردات مستقاة من المحار أو الصبير أو الجسم الإنساني ، إنها في معظم الحالات تأليف من هذه العناصر المتباينة ، المتضادة أحيانا ً ، يجمعها معا ليخلق منها وحدة عضوية ، فسعد شاكر يتمتع بذكاء وغريزة ودقة في الإنجاز ، الأمر الذي جعل مغامراته محسوبة ومقنعة .. وانه استطاع ان يضع لطلابه أساسات الإتقان والمثابرة والإخلاص لمكانة الخزف الكبيرة بين الفنون الأخرى )) ( 21 )
بينما نرى الخزافة عبلة العزاوي ، التي درست فن الخزف في بغداد وباريس ، لا تكف عن ابتكار أشكالها ، على الرغم من أسلوبها المتكرر. وقد قالت (( بدأت بإنجاز أعمالي الفنية حال رجوعي من فرنسا ، وهي تميل الى الحداثة .. واستمرت هذه التجربة لدي ّ بدافع التأثيرات والأفكار التي شغلتني لسنين .. لكن زياراتي الكثيرة الى المتحف العراقي أثرت بي وجذبتني نحو الفن القديم الذي كنت قد بدأت أعمالي الأولى به .. أي قبل ذهابي الى فرنسا .. وقد لاقت تلك الأعمال إعجاب أساتذتي .. لكنني للأسف تركتها متأثرة بالقطع التي وجدتها هناك .. وقد كانت جديدة عليّ وغريبة فتعلقت بها بالرغم من إلحاح أساتذتي بضرورة التمسك بتراثي العراقي القديم . وبعد الأعمال والتجارب العفوية والبدائية بدأت بالتراث وبدأت ابحث في الشوارع القديمة والأسواق الشعبية والقرى عن التراث لتأمله ودراسته ، ثم انتقلت الى الإسلاميات .. وكانت نقلة مفاجئة منذ العام 1400 للهجرة .. والآن اجمع في أعمالي بين كل الأدوار. إلا ان تأثيرات الفن الإسلامي هي الكبرى والأكثر تميزا من الأدوار الأخرى )) ( 22 )
وسنجد عند طارق إبراهيم رغبة بالعودة الى المدن والقرى القديمة .. فهو يستلهم المعابد والبيوت الطينية والآثار ويعيد صياغتها كرموز دينامية في سياق مفهومه للحداثة . انه يجمع بين القديم في سحره والحداثة في تنويعاتها المعاصرة .. ولكنه في الغالب يختزل أعماله الى ضربات مكثفة للمعاني بعيدا عن بهرجة الألوان وتعقيدات الأشكال . كما لم يهمل الخزاف المعالجات الأكثر صلة بخطاب التجارب الحديثة ، لمفهوم الخزف في خصائصه البنيوية بعيدا عن الوظائف التقليدية الاستهلاكية .
وكانت الخزافة الراحلة سهام السعودي مولعة بأسرار خامة الطين ، الأمر الذي جعل تجاربها تنتمي بصورة متواصلة بالمدن الإسلامية والأشكال المستلهمة من أعماق التاريخ . فأعمالها لا تكف تروي الحكايات المنقوشة فوق أعمالها الجدارية متأثرة بالمعمار الديني وبالأشكال الحروفية والأساطير الشعبية ، مع إنها في تجاربها ، قبل الرحيل ، راحت تختزل الألوان وتمارس الحذف والاختزال محاولة لمنح الخزف لغة جمالية تعتمد التكوين والتكنيك والإيحاءات الخاصة التي لم تغادر عالمها المشحون بالأسرار وما يحمله الخزف من لغة دينامية لا تكف ان تجدد عبر الزمن .
وتمتاز خزفيات شنيار عبد الله بأسلوب ( الراكو ) .. فمنذ 1980 عمل بهذه الطريقة اليابانية القديمة .. وهي تعتمد على الحرق المباشر للقطع الخزفية مع اختزال الأوكسجين داخل الفرن ، ومن خصائصها ؛ الألوان الجميلة البراقة . إن شنيار عبد الله خزاف لم يكف عن استثمار خبراته المعرفية بالموروث الى جانب دراسته العملية للتقنيات الحديثة في الولايات المتحدة الأمريكية ، بحثا ً عن توازنات بين أصالة الأشكال القديمة ودلالات التحديث في عصر تتحطم فيه التقاليد والثوابت .. فجعل من الرموز الشرقية والبيئة والحروف والتكوينات النحتية الجدارية مفردات متداخلة بمعالجات منحت الخزف مغزاه الدلالي والجمالي كبعد له علاقته بالتحولات المعرفية والاجتماعية . فكانت نصوصه الخزفية أكثر اختزالا ً في استنطاق أسرار خاماته وموضوعا ته المعالجة بالتجريد والحذف والإضافات ذات الصلة الفنون المجاورة كالرسم والنحت .. وقد كتب الناقد التونسي خليل قويعة (( إن أعمال شنيار عبد الله قابلة لن نقبلها من حيث كيانها التشكيلي الخالص ونتدبرها بعيدا عن الشحنات الرمزية التي تحتملها القراءة ، فيما يفترضها الأثر لا محالة ، فتمكنه من العجينة الخام وخبرته بالطلاء والاكاسيد واستشرافه لتحولات اللون في الفرن وانفتاحه على الأفاق المتوقعة واللامتوقعة التي تهديها له الصدفة ، الموجهة وغبر الموجهة ، لهي ظواهر جعلت من معاشرته للخزف لعبا مثمرا وذلك بقدر ما يشترطه هذا اللعب )) ( 23 )
فيما تتخذ الأشكال الخزفية ـ النحتية عند الخزاف ماهر السامرائي ، سياق الأسطورة المعاصرة : فعلى الرغم من انه بدا من الرقم الطينية المعروفة بعمقها الزمني ، إلا انه سيفصح عن انتماء لعصرنا .. فقد مزج بين الموروثات القديمة وأثارها ودلالاتها الرمزية ، مع امكانات عمل المخيال في مواجهة إشكاليات الحداثة وتنويعاتها الأسلوبية . إن منطق عمله التركيبي ، والمراحل التي مر بها ، عمقت رؤيته في منح فن الخزف لغة تجاور المشكلات الفلسفية لفنون الرسم والمعمار والنحت . فالخزاف السامرائي بتأثره النفسي بعمل المخفيات والدوافع الروحية ــ الصوفية تحديدا ً ، جعلت من معالجاته الحديثة تحديا للمعاني الاستهلاكية والنفعية ، بحثا عن الشفافية والصفاء والتطهر الذي يتمثله الفن عامة وفن الخزف بشكل خاص .
بينما أنجزت الخزافة ساجدة المشايخي علاقة مزدوجة بين الرسم والخزف من جهة وعلاقة جدلية بين النافع والجمالي من جهة ثانية .. فأنجزت مجموعات من الأعمال التقليدية على صعيد الأشكال ، الى جوار أبحاثها عن إعادة صياغة الأشكال الشعبية والتراثية بأسلوب المقاربة من التحديثات الحاصلة في الخزف العراقي .
وثمة خزاف آخر واصل إرساء القواعد الرصينة للخزف ، هو د . محمد عريبي ، مستثمرا خبرته الطويلة في اكتشاف علاقات تجاور بين الخزف والرسم ، وبين الخزف والنحت ، حيث استثمر التجريد الهندسي والأشكال الحديثة للمجسمات والعلاقات التركيبية والرمزية في سياق بناء تجاربه الخزفية وما تمثله كنصوص تمتلك خصائصها الخزفية الجديدة .
والخزاف تركي حسين ، ضمن جيل ظهر بعد مرحلة الريادة المتمثلة بالرائد سعد شاكر ، يعمل وفق سياق التجريب ، فالخزاف أدرك الصعوبات التي تواجهه الخزف الحديث وما يمثله قياسا بالمشكلات الفنية ومغامرات البحث عن توازنات بين القديم الأصيل ومغامرات التحديث .. وهو الذي جعله يدرك بعمق إن الاستقرار على أسلوب محدد قد يعني موت الخزف ، من ناحية ، وأدرك ، ان هذا الاستقرار قد يتطلب بدائية من نوع خاص ، من ناحية ثانية . وهو الذي جعله يعبر بحرية تجريبية تتوخى الصدق الخاص في مرحلة كاملة في التشكيل المعاصر في العراق .
عبر هذا المسار التاريخي الوجيز ، تشكلت ملامح الخزف الحديث في العراق ، بالاستناد الى محفزات التحديث العامة في التشكيل كالرسم والنحت ، وصولا الى الحداثة وما تمثله من إشكاليات على صعيد المعاني أو على صعيد التقنيات ، فضلا عن استعادة ودراسة المرجعيات المتمثلة بالتراث الخزفي العراقي القديم ودراسة الموروث الإسلامي ، والشعبي بما يمتلكه من إيحاءات ورموز لا يمكن فصلها عن الابتكارات والمعالجات المعاصرة ، الى جانب المؤثرات المعرفية كالجانب الثقافي والواقع الاجتماعي والسياسي ، وتأمل البيئة وخصائصها البنيوية ..الخ كلها تضافرت عبر مراحل خضعت للتجريب والمغامرات بحثا عن مسار وأساليب لا يتكرر فيها الماضي بما يمتلك من قواعد وتقاليد وأنظمة صاغتها عوامله الفلسفية والاجتماعية والفنية الحرفية ، ولا تكون الحداثة محض أقنعة واستنساخات لأنظمة لها ضوابطها الحضارية ،بل العمل على أن يمتلك فن الخزف خطابه بما يتضمنه من عناصر بنائية وتركيبية ومستويات تقنية تتوازن والأبعاد الجمالية والتعبيرية لرسالة الفن عامة ولفن الخزف في سياق ابتكار أساليب لا تغادر روح العصر وعلاماته الدلالية . وقد عبر الأستاذ سعد شاكر عن هذا المسار بقوله : - (( اتخذت حركة السيراميك خطا بيانيا في التقدم والتطور خلال فترة قصيرة من الزمن .. وغذت هذه الحركة قابليات شابة وطموحة متميزة استطاعت أن تغنيها بحيوية وتحفز .. فخرج الخزف من حرفية الموضوع الى حقول الفنون التشكيلية المثابرة .. ومنحت هذه الطاقات الشابة للخزف الدفيء والحرارة البشرية المتمازجة مع روح العصر لتتحد معا ً باحثة في الشكل والمضمون الجديدين ))( 24 )






المصادر

1 - شاكر حسن آل سعيد ( فصول من تاريخ الحركة التشكيلية في العراق ) الجزء الأول / دائرة الشؤون الثقافية والنشر/ بغداد 1983 –ص 9
2 – نزار سليم ( الفن العراقي المعاصر) الكتاب الأول ـ فن التصوير / وزارة الأعلام ـ الجمهورية ٍ العراقية / 1977 ص 7
3- جبرا إبراهيم جبرا ( الفن العراقي المعاصر ) وزارة الأعلام ـ بغداد 1972 المقدمة

4 – شوكت الربيعي ( لوحات وأفكار ) الجمهورية العراقية ـ بغداد 1976 ص 29

5- شاكر حسن / مصدر سابق ص 9

6 – عادل كامل ( الحركة التشكيلية المعاصرة في العراق ــ مرحلة الرواد ) وزارة الثقافة والإعلام / 1980 ص7 وما بعدها

7 – مقابلة مع الدكتور بهنام أبو الصوف ـ 2004

8- د . بهنام أبو الصوف ( فخار عصر الوركاء ) رسالة دكتوراه قدمت الى جامعة كمبردج في خريف عام 1966 ـ المؤسسة العامة للآثار والتراث . وقد صدرت باللغة الإنكليزية .

9 - يذكر ان الفنان زيد محمد صالح هو أول من راجع وسعى الى قيام فرع للخزف في معهد الفنون الجميلة / جواد الزبيدي / مجلة أسفار العدد 3 عام 1988

10 – (( الفن والحس )) ميشال ديرميه / ترجمة وجيه البعيني / دار الحداثة ـ بيروت ـ لبنان 1988 الفصل الثامن ( الفن والزمان )

11 – المصدر نفسه ص 159 وما بعدها

12 – عادل كامل ( التشكيل العراقي ـ التأسيس والتنوع ) دار الشؤون الثقافية العامة / بغداد 2000 الفصل السادس ـالخزف العراقي المعاصر

13 – (( بلاد أشور )) أندريه بارو / ترجمة وتعليق د . عيسى سلمان وسليم طه التكريتي . دار الرشيد للنشر . بغداد 1980 ص 242

14 – المصدر نفسه ص 252

15 – (( بداية الخزف العراقي المعاصر )) جواد الزبيدي / مجلة أسفار العدد 3

16 – جواد الزبيدي (( الخزف الفني المعاصر في العراق )) الموسوعة الصغيرة ( 227 ) دار الشؤون الثقافية العامة ـ بغداد 1986 ص 23

17 – المصدر نفسه ص 24

18 – (( صناعة الخزف )) جون يكرسن / ترجمة هاشم الهنداوي ومراجعة ناصرة السعدون / دار الشؤون الثقافية العامة . بغداد 1989 ص 11

19 – الفخار الفني المعاصر في العراق / مصدر سابق ص 34 ـ 75

20 – مجلة الرواق / وزارة الثقافة والإعلام العدد 5 ص 15

21 – المصدر نفسه . ص 15

22 – حديث مع الخزافة عبلة العزاوي يوم 24/ 6 / 1999 في مشغلها .

23 – خليل قويعة ( أشواق الخزف .. نبض الأرض ) دليل الخزاف / تونس 2002

24 – مقابلة مع الأستاذ الخزاف سعد شاكر / قاعة حوار ـ بغداد 20 / 3 / 2004




http://www.ittijahat.com/4th_issue/nibras_alrubayie.htm

سلسلة عشاق الخزف : نبيل محمد درويش





د. نبيل محمد درويش



تاريخ الميلاد : 10/09/1936
محل الميلاد : الغربية
تاريخ الوفاة : 27/6/2002
 التخصص : خزف



المراحل الدراسية

- بكالوريوس كلية الفنون التطبيقية قسم الخزف 1962 .

- ماجستير من كلية الفنون التطبيقية فى الخزف 1971 .

- دكتوراه من كلية الفنون التطبيقية فى الخزف 1981 .



العضوية

- عضو مجلس إدارة نقابة الفنانين التشكيليين .

- عضو المجلس الأعلى للثقافة .

 
الوظائف و المهن التى اضطلع بها الفنان

- عين معيداً بكلية الفنون التطبيقية عام 1962

- عمل بضع سنوات معاراً للتدريس بالدول العربية

- تدرج فى وظائف التدريس فى الجامعة من معيد الى مدرس وأستاذ مساعد ثم عمل أستاذاً ورئيساً قسم الخزف بكلية الفنون التطبيقية

ـ  أستاذ متفرغ بقسم الخزف بالكلية

 
الأماكن التى عاش بها الفنان

- السنطة ( غربية ) - القاهرة -الفسطاط - أشمون - قنا - اسوان .


المعارض الخاصة

- معرض خاص بمتحف الفن الحديث 1962

- معرض خاص قاعة إخناتون 1970

- معرض خاص للخزف فى الإسكندرية 1970

- معرض خاص بمتحف الفنون الجميلة بالإسكندرية 2000



المعارض الجماعية المحلية

- شارك فى العديد من المعارض الجماعة المحلية فى مصر منذ تخرجه

- معرض خزف معلقات نسيجية لعشرة فنانين مصريين 2001 .

- معرض ( الفنان المصرى المعاصر واستلهام التراث الإسلامى ) بمناسبة صدور كتاب ( التواصل الحضارى للفن الإسلامى وتأثيرة على فنانى العصر الحديث ) بالمركز المصرى للتعاون الثقافى الدولى ( قاعة الدبلوماسيين الأجانب ) مارس 2002 .

- معرض بعنوان `الاناء .. خزفيات معاصرة` بمركز سعد زغلول الثقافى فبراير 2009 .




المعارض الجماعية الدولية

- معرض فينيسيا الدولى للخزف 1971

- مثل مصر فى بينالى باريس 1971

- معرض 5000 سنة خزف الذى طاف دول أوروبا الغربية

- بينالى الشارقة للفنون التشكيلية 1993

- ضيف شرف بينالى القاهرة الدولى الثالث للخزف 1996

- معرض فى باكستان ( لاهور - إسلام آباد ) 1996




الزيارات الفنية

- داخل الوطن ( المتاحف - أسوان - قنا - أشمون - الفسطاط )

- خارج الوطن ( إيطاليا - فرنسا - ألمانيا - باكستان - سويسرا -إيران - تركيا - الجزائر - سوريا - الكويت)



الجوائز المحلية 
 
- جائزة الصالون الأولى 1970



الجوائز الدولية 
 
- شهادة تقدير فى معرض فينيسيا الدولى فى الجرافيك 1971

- الجائزة الأولى من بينالى الخزف الدولى لحوض البحر الأبيض المتوسط - تونس -1986

- الجائزة الكبرى فى بينالى عمان 1992

- الجائزة الكبرى بينالى الشارقة الدولى الأول 1993


مقتنيات خاصة

- مجموعات خاصة لدى الأفراد فى مصر و الخارج.

مقتنيات رسمية

- متحف الفن الحديث بالقاهرة نحت - خزف.



الأعمال الفنية الهامة فى حياة الفنان

- أقيم هذا المتحف ( الخاص بالفنان نبيل درويش ) على مستوى عالمى بالنسبة للبناء و التجهيز للعرض ويعتبر فريدا من نوعه فى العالم .

- أقيم المتحف على مساحة 150 مترا محاطا بحديقة مساحتها 700 مترا .

- يحتوى المتحف على 800 تحفة خزفية .. تشمل أساليب ومدارس مبتكرة لا نظير لها فى أى متحف فى العالم منها :

1- تماثيل العرائس

2- شباك القلة

3- الزخرفة البارزة على العرائس و التماثيل

4- الرسم بالطلاء المطفى على الطلاء اللامع فى درجة الحرارة العالية

5- التطعيم بالطينات الملونة على الأجسام السوداء

6-الأجسام الزرقاء ذات الحرارة العالية 7- الترخيم بالطينات الملونة

8- الطلاء الأسود اللامع ( الأسود و المرايا ) فى درجات الحرارة العالية

9- الرسم بالطلاءات الملونة على الطلاء الأسود فى درجات الحرارة العالية

10- أجسام مغطاة بطلاءات حرارة عالية

11- الرسم بالطلاء على الأجسام الفخارية

12- الرسم بالطلاء الشفاف على الأجسام السوداء

13- الرسم بالطلاءات الملونة المطفية على الطلاء الأسود المطفى

14- عناصر آدمية بطينات بيضاء على أجسام سوداء .. اختزال الطلاءات

15- التحكم فى الكربون على الأجسام الفخارية السوداء

16- عناصر بدون طلاء على الأجسام المغطاة بطلاءات زجاجية (1250)

17- الرسم بالطلاء على الأجسام الفخارية زرقاء - خضراء - سوداء

18- الأختزال ( البريق المعدنى )

19- أجسام مطعمة بالطينات الملونة مع استخدام الكربون و التحكم فيه

20- الرسم بالطينات البارزة الملونة على الأجسام البيضاء ( درجة حرارة عالية )

21- يحتوى المتحف على العديد من المدارس التى تحمل شخصية الفنان نبيل درويش




حول رؤية الفنان


- فى التخطيط العالمى للاحتفال بفن الخزف عام 2000 تم اختيار الفنان المصرى الكبير د.نبيل درويش مستشارا دوليا لوضع وتنظيم المهرجان الدولى على مستوى العالم كله وتنظيم اختيار الأعمال التى سيتم عرضها على مستوى القارات .
- ولقد استطاع الفنان المصرى د. نبيل درويش خلال خمسة وثلاثين عاما من الجهد المتواصل أن يحقق خطوات وإضافات أكمل بها مسيرة عمالقة الخزف فى العالم عن طريق عمل الفرن فتوصل الى خطوة لم يتوصل اليها هامارا اليابانى الملقب بأبى الخزف فى العالم وهى أعطاء إحساس التلوين بالألوان المائية مع اللون الأسود (بلاك مجرور ) لأن اللون الأسود عند حرقه يأكل جميع الألوان ، كما توصل الى الحصول على ألوان أشبه بطوق الحمامة وهى الألوان المتدرجة من الأسود إلى الأزرق الى البنفسجى الى الأخضر ذى البريق عن طريق النار وأيضاً حقق الرسم بالاختزال بتوجيه الكربون الى الآنية داخل الفرن أثناء الحرق كما لعب بعنصر التطعيم وهو خلط اللون بالطينة وتزجيجها بعمل أشكال فنية على الدولاب أى أن اللون جزء من صلب البنية الأساسية وليس إضافة وتوصل الى ( الكاراكليه ) وهو الإيهام بتشققات فى الآنية ، واللون الأحمر الرائع .
- نبيل درويش المبتعد كثيرا عن الأضواء و المقترب كثيراً من صدارة فن الخزف فى مصر وعلى مستوى العالم وهو صاحب المتحف الأول من نوعه فى مصر والشرق الأوسط وأفريقيا وهو الذى رفع اسم مصر عالياً بثلاث جوائز عالمية كبرى ولكن الأهم من ذلك كله هو الموقع الذى احتله بالنسبة لفنانى العالم فى لهذا النوع من الفن .


بعض أعماله












http://www.fineart.gov.eg/Arb/CV/cv.asp?IDS=243




مقالات عنه


متحف نبيل درويش ملمس ثري يحافظ على أسرار الخزف




ما أن تلج طريق هرم سقارة بعد أن تعبر شارع الهرم الصاخب في اتجاه قرية الحرانية الشهيرة بصناعة الكليم اليدوي الفطري حتى تطالعك لافتة متحف نبيل درويش للخزف، وعلى الرغم من إحساسك بالزهو إزاء وجود متحف للخزف، خاصة وأن نبيل درويش أضاف 27 ابتكارا لفن الخزف وتقنياته.

إلا أن المتحف يعاني من آثار المياه الجوفية التي أدت إلى تداعي المبنى، وتهدد العرض المتحفي، وهي المشكلة التي تشكل عبئا ورعبا للعديد من المزارات الفنية في منطقة طريق سقارة، بما في ذلك بيت الفن بالحرانية والذي شهد تجربة رائدة للمربي الفنان حبيب جورجي وصهرة رمسيس ويصا واصف في إطلاق الكوامن الإبداعية الفطرية للأطفال والفلاحين سواء في الخزف أو الكليم، تلك الإبداعات والمنتجات التي غزت عواصم العالم فنيا وثقافيا وتعليميا.

ولأن فن الخزف هو فن الأسرار، ووجود عمل خزفي خالد ومتميز مرهون بتحقيق معادلة صعبة تجمع بين جودة الخامة وقوة خطوط الشكل وجماليات التصوير وطاقة فكرية هائلة سواء كان هذا العمل الخزفي نفعيا يستخدمه الإنسان في حياته اليومية أو يحمل قيمة جمالية خالصة.. هذه الحقيقة المركبة أدركها الخزاف نبيل درويش، الذي جاء من رحم ريف دلتا النيل، حيث ولد في عام 1936 بمدينة السنطة - غربية.

عرف نبيل درويش الطريق إلى ورشة أستاذه الرائد سعيد الصدر بمنطقة الفسطاط، وهو مازال طالبا بكلية الفنون التطبيقية وما أن حصل على البكالوريوس حتى اتجه إلى اكتشاف خامة الأسرار الطين.بدأت رحلة اكتشاف «نبيل درويش» للخامات المحلية عندما قدم رسالة الماجستير في الخزف عام 1971 باحثا فيها عن أسرار عمل (شباك القلة) الذي برع في صنعه خزافو العصر الإسلامي،

بعدها شد الرحال إلى الكويت واكتشف الأماكن التي تحتوي على طينة ذات طبيعة رملية صالحة للإبداع الخزفي المحلي، كما توصل في قطر والبحرين إلى طينات صالحة للفخار والخزف، ثم اتجه سندباد الخزف المصري إلى العراق، إيران، تركيا، سوريا ولبنان سعيا وراء منابع فن الخزف الإسلامي والعربي.

توج «نبيل درويش» رحلة بحثه في عالم الخزف عندما أنجز أول رسالة دكتوراه في فن الخزف عام 1981، وكشف فيها عن طريقة المصريين القدماء في صنع فوهات سوداء للأواني الخزفية وهو الكشف العلمي الذي سجل طرفة على المستوى الفني، وفي الوقت نفسه في مجال الآثار، وعكس قدرة الفنان على استيعاب التجربة الفنية الفرعونية (ما قبل الأسرات)،

بالإضافة إلى أنه استطاع أن يطلي الإناء مثل الرومان، والإغريق ولكن بالكربون، وليس بالأكسيد، وهي الإضافة التي سجلت على نحو عالمي في تاريخ الخزف، وتعد نصرا تشكيليا وخزفيا، عندما أعطى للرسم بالدخان مذاقا جماليا جديدا عبر تلوين الجسم الفخاري بالكاراكلية، فحقق تفردا يحسب له على مدار القرن العشرين كله.

إذا كان الصينيون قد توصلوا في فن الخزف إلى طينة زرقاء خاصة بهم وتوصل الإنجليز قبل مائتي عام إلى طينة زرقاء أيضا، فقد توصل الخزاف نبيل درويش إلى أزرق يعد جديدا في درجته وعمقه، وابتكر طريقة لصق طينة بيضاء على طينة سوداء أو زرقاء.

وعلى الرغم من المنطلقات الفنية للخزاف الفنان «نبيل درويش» تعتمد على حرية التشكيل بتلقائية إلا أنه واحد من القلائل الذين أتقنوا التحكم والعمل على الدولاب الدوار التقليدي، سواء بفعل الممارسة الدؤوبة الطويلة، أو بفرض الإنتاج الكمي، كذلك تميز بأسلوب التطعيم.

وإذا كان «نبيل درويش» قد أبحر في اتجاه البحث عن هوية للخزف المعاصر عندما وجه بوصلته ناحية الموروث الفرعوني الإسلامي، فقد ذهب أيضا على الفنون الشعبية، يستخلص منها الأصيل المبتكر كالعرائس والرسوم على الأواني والأشكال النحتية التي استمدت إلهاماتها من الجوامع، وللعمارة الإسلامية.

وتتميز أعمال «نبيل درويش» الخزفية بقدرته الفائقة على إعطاء إحساس بالألوان المائية وشفافيتها ورقتها على الطلاء الأسود (بلاك ميرور) مع الاحتفاظ بتنوع هائل في استخدام الألوان المصقولة والثراء في الملمس وتعدد في الشكل والخطوط التي تعكس انتماء هذا الإبداع إلى جذور تاريخية عميقة،

تلك الأعمال التي ظل الفنان يحتضن المتميز منها برفق ليضمه إلى المجموعة المعروضة بمتحفه والذي كان قد أقامه بجهوده الذاتية إلى أن ترك لنا هذا العطاء الممتد ورحل وظل متحفه يعاني رغم رعاية أسرته الصغيرة له والمكونة من زوجة وفية محبة وابن وبنتين.. فهل لوزارة الثقافة أن تحفظ للأجيال المقبلة قيمة فنية وفكرية تستحق الخلود ممثلة في إبداعات نبيل درويش وأبحاثه ومكانه؟.






القاهرة ـ سيد هويدي





http://www.albayan.ae/servlet/Satellite?cid=1127635755703&pagename=Albayan%2FArticle%2FFullDetail&c=Article
____________-------------___________--------------_____________----------------__________
 
نبيل درويش.. سندباد الخزف في المسار


كعادة قاعة المسار تقدم الفنانين في أكثر من مستوي فني، فعندما تقدم أعمالا نحتية لفنان، تعرض في خلفية المشهد أعماله في التصوير ان وجدت، أو صوره الفوتوغرافية، هذه المرة قدمت الفنان الراحل الخزاف نبيل درويش، خزافا، ومصورا، في أول معرض له منذ وفاته، بعد أن عرضت مجموعة من لوحاته، مع الخزف الذي أشتهر به، ونبيل درويش أحد أبناء كلية الفنون التطبيقية، ورائد الخزف سعيد الصدر، شيخ الخزافين، إذا كان قد توفر لك حظ مقابلة الخزاف نبيل درويش فلن تكتشف من البداية أنك أمام من أضاف 27 ابتكارا إلي فن الخزف.. فن الأسرار، وصاحب الجائزة الأولي من بينالي الخزف الدولي لحوض البحر الأبيض المتوسط بتونس 1986، والحاصل علي الجائزة الكبري في بينالي عمان 1992، والجائزة الكبري ببينالي الشارقة الدولي الأول 1993، من فرط التواضع والبساطة، وإحساسه بالهم العربي العام.

ويكاد لا تستطيع أن تحدد علي وجه الدقة إذا كانت سمرة البشرة من لهيب الأفران التي تعرض لها، أو هي جينات وراثية اكتسبها من أجداده الفراعنة، لكن تضاريس الوجه الحادة تكشف عن شخصية جادة، فالقسمات شكلت فيها الشمس والهواء، فرسمت التجاعيد خريطة وطن. تمسك بتضاريسها وخاماتها المحلية، فقد استطاع الفنان نبيل درويش عبر مسيرة خمسة وثلاثين عاما أن يحقق خطوات وإضافات أكمل بها مسيرة عمالقة الخزف في العالم عن طريق عمل الفرن، فتوصل إلي خطوة لم يتوصل إليها هامارا الياباني الملقب بأبي الخزف في العالم، وهي اعطاء إحساس التلوين بالألوان المائية مع اللون الأسود (بلاك ميرور ) لأن اللون الأسود عند حرقه يأكل جميع الألوان.

كما توصل درويش إلي الحصول علي ألوان أشبه بطوق الحمامة وهي الألوان المتدرجة من الأسود إلي الأزرق إلي البنفسجي إلي الأخضر ذي البريق عن طريق النار، وأيضاً حقق الرسم بالاختزال بتوجيه الكربون إلي الآنية داخل الفرن أثناء الحرق، استكمالا لطريقة أستاذه شيخ الخزافين سعيد الصدر(1909-1986)، كما لعب بعنصر التطعيم وهو خلط اللون بالطينة وتزجيجها بعمل أشكال فنية علي الدولاب أي أن اللون جزء من صلب البنية الأساسية وليس إضافة وتوصل إلي ( الكاراكليه )، وهو الإيهام بتشققات في الآنية، واللون الأحمر الرائع.

فوجود عمل خزفي متميز مرهون بتحقق معادلة صعبة تجمع بين جودة الخامة وقوة خطوط الشكل وجماليات التصوير، سواء كان هذا العمل الخزفي نفعياً يستخدمه الإنسان في حياته اليومية أو يحمل قيمة جمالية خالصة.. هذه الحقيقة المركبة أدركها الخزاف "نبيل درويش" الذي جاء من رحم ريف دلتا النيل في مصر، حيث ولد في عام 1936 بمدينة السنطة- غربية، القريبة من بلد السيد البدوي طنطا، حيث خضع للدراسة في كتاب القرية ككل الأطفال في ذلك الوقت، لكن الشيخ في الكتاب طالما تشدد معه بسبب استخدامه يده اليسري في الكتابة، إلي الدرجة التي لجأ فيها إلي أن يربط اليد اليسري للطفل الصغير باحكام إلي جانبه، حتي لا يستخدمها، وهو الأمر الذي دفع الطفل إلي الهرب من الكتاب بسبب إحساسه بالألم المبرح، ووجد ملاذه في الحقول الخضراء، حيث الهواء والحرية، كما وجد في الطين متنفسا ليده اليسري واليمني بدون قيود فراح يشكل من الطين حيوانات وطيور، ويشترك في ذلك مع مثال مصر الأول محمود مختار، في قريته نشا مع بداية القرن العشرين.

اتجه "نبيل درويش" منذ حصوله علي بكالوريوس كلية الفنون التطبيقية عام 1962 إلي اكتشاف خامات طينية مناسبة سواء داخل الوطن أو في الخارج كتلك التي عثر عليها في الكويت وتحتوي علي طينة ذات طبيعة رملية صالحة للإبداع الخزفي تلائم القيم النفعية.

توج "نبيل درويش" رحلة بحثه في عالم الخزف عندما أنجز أول رسالة دكتوراه في فن الخزف عام 1981، وكشف فيها عن طريقة المصريين القدماء في صنع فوهات سوداء للأواني الخزفية وهو الكشف العلمي الذي توصل إلي الطريقة التي اتبعها المصريون القدماء في صنع فوهات سوداء، علاوة علي أن الكشف عن الطريقة الجديدة يعد إنجازا علي المستوي التقني والفني الإبداعي وأيضا الثري، بل الإضافة إلي أنه أستطاع أن يرسم الإناء مثل الرومان، والإغريق ولكن بالكربون، وليس بالأكسيد، وهي بالإضافة التي سجلت علي نحو عالمي في تاريخ الخزف، وتعد نصراً تشكيلياً وخزفياً، عندما أعطي للرسم بالدخان مذاقاً جمالياً جديداً عبر تلوين الجسم الفخاري بالكاراكلية، فحقق تفرداً يحسب له علي مدار القرن العشرين كله.

إذا كان الصينيون قد توصلوا في فن الخزف إلي طينة زرقاء خاصة بهم وتوصل الإنجليز قبل مائتي عام إلي طينة زرقاء أيضاً، فقد توصل الخزاف نبيل درويش إلي أزرق يعد جديداً في درجته وعمقه، وابتكر طريقة لصق طينة بيضاء علي طينة سوداء أو زرقاء.

وعلي الرغم من المنطلقات الفنية للخزاف الفنان "نبيل درويش" تعتمد علي حرية التشكيل بتلقائية إلا أنه واحد من القلائل الذين أتقنوا التحكم والعمل علي الدولاب الدوار التقليدي، سواء بفعل الممارسة الدءوبة الطويلة، أو بفرض الإنتاج الكمي، كما تميز بأسلوب التطعيم.

وإذا كان "نبيل درويش" قد أبحر في اتجاه البحث عن هوية للخزف المعاصر عندما وجه بصلته ناحية الموروث الفرعوني والإسلامي، فقد ذهب أيضاً علي الفنون الشعبية، يستخلص منها الأصيل المبتكر كالعرائس والرسوم علي الأواني والأشكال النحتية التي استمدت إلهاماتها من الجوامع، والعمارة الإسلامية.
وروي لي نبيل درويش": دائما كنت أذهب إلي معلمي سعيد الصدر، فجرا بالدراجة من الجيزة وعبر النيل في المعدية من الروضة: لكي أطلعه علي كشف خزفي، وأحد هذه الاكتشافات كان موضوع بحثي في الدكتوارة الذي كان موضوعا لرسالة الدكتوراه التي حصل عليها من جامعة حلوان.

وفي معرضه بقاعة المسار عن عبقرية أحد أحفاد الفراعنة، الذي رحل في صيف 2004، تاركا إبداعا خالدا، وأبحاث علمية تقنية، ومتحف علي طريق سقارة، يحتاج من يتولاه بالرعاية.






بقلم : سيد هويدي

 
http://www.alkaheranews.com/details.php?pId=9&aId=661&issId=516
_____---______--------_________-----------___________------------____________
 
عاشق الطين‏..‏ نبيل درويش في معرض استيعادي
 
كتبته: نجوى العشرى



تشهد حاليا قاعة المسار للفنون بالزمالك إقامة معرض استيعادي للفنان الراحل عاشق الطين‏,‏ وأحد رواد فن الخزف في العالم‏,‏ الفنان نبيل درويش الذي رحل عن دنيانا في عام‏.2002‏.
والفنان الراحل من مواليد إحدي قري الوجه البحري‏‏ وهي قرية السنطة بالقرب من مدينة طنطا بمحافظة الغربية‏,‏ بدأ حياته كأقرانه في القري في كتاب القرية ينفر من الكتاب ويهرب في الحقول‏,‏ يعتلي إحدي الأشجار ويجلس بين أغصانها متأملا الحقول الخضراء الممتدة أمام عينيه‏,,‏ يراقب ما يدور حوله من حركة يلتحم فيها الإنسان والحيوان بالطبيعة في توحد متقن‏,‏ ووجد ضالته في الطبيعة فراح يرشف منها بحواسه كلها‏,‏ فكانت تلك هي البداية التي اعتملت في نفسه كي يصبح فنانا‏.‏



ويقول الفنان نبيل درويش عن هذه الفترة المبكرة من حياته‏:‏ منذ أن أمسكت راحتاي الصغيرتان بتراب الأرض وطين الترع‏,‏ فاعتملت في نفسي الرغبة منذ الصغر أن أصبح فنانا‏,‏ ورحت أرسم وأنحت‏,‏ ثم تبينت أنني متجه بكل جوارحي إلي فن الإنسانية الأول‏,‏ وهو الإبداع بالطينة المحروقة فاخترت لنفسي الخزف والتحقت عندما شبيت عن الطوق بكلية الفنون التطبيقية‏.‏


وقد بدأت مسيرة الفنان نبيل درويش في فن الخزف في كلية الفنون التطبيقية التي تخرج فيها عام‏1962,‏ ثم التقي بأستاذه رائد فن الخزف المعاصر الفنان سعيد الصدر الذي أولاه كل رعايته وعلمه في أحسن صورة وتدرب في ورشته التي أنشأها في الفسطاط كمؤسسة من مؤسسات وزارة الثقافة باسم مركز الخزف‏,‏ كما وجد أن فن الخزف شديد الارتباط بفني النحت والتصوير‏,‏ فالتحق في أوقات الفراغ بالقسم الحر في كلية الفنون الجميلة‏,‏ ودرس فن التصوير علي يد الأستاذ أحمد زكي‏,‏ وفن النحت علي يد المثال جمال السجيني الذي تعلم منه الكثير مما أفاده في فن الخزف‏,‏ وهو ما جعل منه أيضا نحاتا ناجحا‏,‏ حيث حصلت بعض تماثيله علي جوائز مثل تمثال الأمومة الذي أصبح بعد ذلك أحد مقتنيات متحف الفن الحديث متصدرا مدخل مبناه‏.‏


وبرغم ما أحاطه به أساتذته من عظيم رعاية‏,‏ فإنه دائما وأبدا ما كان يعتبر الطبيعة معلمه الأول‏,‏ ففي كل صيف كان يحمل أدواته وأوراقه وألوانه ويطوف في ريف مصر وصعيدها راسما نواحي كثيرة من قري مصر‏,‏ وفي نفس عام تخرجه أقام معرضه الأول بقصر هدي شعراوي الذي كان مقر متحف الفن الحديث‏,‏ وقد حازت أوانيه وتماثيله ورسومه إعجاب جمهور المعرض مما كان باعثا له علي بذل الجهد الشاق والدءوب كي يصبح فنانا حقيقيا‏.‏


وفي عام‏1971‏ حصل علي درجة الماجستير في الخزف‏,‏ مكتشفا فيها الأسرار التكنولوجية لـ شباك القلة الذي برع في صنعه خزافو العصر الإسلامي‏,‏ وأصبح من بعدهم سرا مستغلقا علي الباحثين‏.‏


وأعير للعمل في تدريس التربية الفنية بدولة الكويت في الفترة من عام‏1973‏ حتي عام‏1976,‏ فطاف أنحاء الكويت حتي اكتشف الأماكن التي تحتوي علي طينة ذات طبيعة رملية صالحة للإبداع الخزفي‏,‏ وبعد ذلك اتجه إلي إيران والعراق وتركيا وسوريا ولبنان سعيا وراء منابع فن الخزف الإسلامي والعربي الذي هو الأصل الحقيقي للتجديد الذي تشاهده أوروبا الآن‏.‏


ثم عكف الخزاف نبيل درويش علي دراسة الخامات المحلية وإمكان الحصول علي أجسام خزفية سوداء منها تنتج في درجة حرارة عالية‏,‏ وقد حصل عن نتائج دراسته هذه علي درجة الدكتوراه من جامعة حلوان عام‏1981‏ ومن آراء الفنان نبيل درويش أن فن الخزف من أصعب الفنون‏,‏ وأن ظهور خزاف واحد قد يحتاج إلي مائة عام‏,‏ فالخزاف يجب أن يكون مصورا ونحاتا ورساما قبل أن يبدأ في تعلم الخزف وممارسته‏,‏ كما يجب في الخزاف أن يكون ملما بعلوم الكيمياء والرياضيات والتكنولوجيا‏,‏ فالطريق المؤدي إلي عمل قطعة خزفية فنية أكثر طويل ومشقة‏,‏ لذا نجد العديد من الفنانين ممن بدأوا خزافين يغيرون طريقهم إلي مجالات أخري‏,‏ ومن ثم فإن المبدعين من الخزافين في العالم يعدون علي أصابع اليد الواحدة‏,‏ وقديما كانت الأواني الفخارية تعتبر تحفا يحرص علي اقتنائها الملوك والسلاطين والأمراء وكانت من أغلي الهدايا‏.‏


ومر الفنان نبيل درويش بمحنة كبري عندما دمر زلزال عام‏1992‏ ما يقرب من‏750‏ قطعة فنية من أندر أعماله من بين ثلاثة آلاف عمل يحتويها متحفه المطل علي ترعة المريوطية‏,‏ حيث اهتز المتحف بشدة ووقعت الأواني رائعة الجمال لتصبح حطاما‏,‏ إلا أن القدر عوضه عن خسارته هذه بإضافتين جديدتين تضمان إلي إضافاته في هذا الفن‏,‏ الأولي كانت اكتشافه نسيج الكاراكليه أي الإحساس بأنك تري تشققات متقاربة أو متباعدة في جسم الآنية‏,‏ والثانية توصله إلي اللون الأحمر الجميل الذي هو أشبه بالألوان المائية الشفافة دون استعمال الأكاسيد‏,‏ وقد أصبحت هاتان الإضافتان‏,‏ إلي جانب إضافات أخري وصلت إلي‏27‏ إضافة في فن الخزف علي مستوي العالم‏,‏ علما عليه‏,‏ مما حدا بالدوائر الفنية العالمية إلي وصفه بأنه أبو الخزافين في العالم‏,‏ وحصل علي الجائزة الكبري في فن الخزف‏4‏ مرات علي مستوي العالم‏.‏ ولقد استطاع الفنان الخزاف نبيل درويش خلال أربعين عاما من الجهد المتواصل الدءوب أن يحقق خطوات وإضافات أكمل بها مسيرة عمالقة الخزف في العالم عن طريق عمل الفرن‏,‏ فتوصل إلي خطوة لم يسبقه إليها أحد في العالم وهو إعطاء إحساس التلوين بالألوان المائية مع اللون الأسود‏(‏ بلاك ميرور‏),‏ لأن اللون الأسود عند حرقه يأكل جميع الألوان‏,‏ كما توصل إلي الحصول علي ألون أشبه بطوق الحمامة وهي الألوان المتدرجة من الأسود إلي الأزرق إلي البنفسجي إلي الأخضر ذي البريق عن طريق النار‏,‏ كما لعب بعنصر التطعيم وهو خلط اللون بالطينة وتوجيهها بعمل أشكال فنية علي الدولاب أي أن اللون جزء من صلب البنية الأساسية‏,‏ وليس إضافة‏.‏ ويقول درويش إن الفرن والنار والطينة في يد الخزاف المبدع يجب أن تصنع كل شيء‏,‏ ويجب أن يخرج الإناء من الفرن مجسما لخيال الفنان كعلاقة بين تصور وفعل ونتيجة شأنه في ذلك شأن ما تنتجه قريحة الفنان‏,‏ وإن فن الخزف هو فن الرسم بالنار والطين‏,‏ وهو نحت وتصوير وصناعة‏.‏



http://www.ahram.org.eg/62/2010/01/30/7/8098.aspx






___________-----______________-----------___________-----------___________

الخزّاف نبيل درويش... سيرة عابقة بالتراث المصري



ضمن محاضرة نظّمها مركز كاظمة للفنون

لافي الشمري


نظم مركز كاظمة للفنون محاضرة فنية عن الخزّاف المصري نبيل درويش في منطقة العديلية، حضرها مجموعة من موجهي التربية الفنية ومدرسيها، وعدد من المهتمين بفن الخزف.

ألقى الباحث أشرف بسيوني محاضرة فنية عن تاريخ الخزّاف المصري الراحل نبيل درويش، وقدم المحاضرة وأدار النقاش الخزّاف الكويتي علي العوض. وتحدث أشرف بسيوني في مستهل محاضرته عن السيرة الذاتية للفنان نبيل درويش، قائلاً 'ولد نبيل درويش في عام 1936 من رحم الريف المصري بمحافظة الغربية، التي شهدت بداية تكوين مخيلته الفنية، مستفيداً من الطبيعة الخلابة والبيئة الزراعية اللتين أوحتا له بالكثير من الافكار الفنية في مجالَي التصوير والنحت'. وأضاف 'تتلمذ نبيل درويش على يد أستاذه الخزاف المصري سعيد الصدر، ملتزماً التكنيك ذاته الذي اشتُهر به الصدر، ليشكل بذلك تفاصيل أعماله المستمدة من معين التراث الشعبي المصري، مقدماً قطعا خزفية بتكوينات رمزية اتسمت بالدقة، ومنحته مكانة مرموقة بين الخزافين المشهورين'.

 
بين المُشاهدة والرؤية

وأوضح المحاضر ان مهمة الفنان هي الإبحار بين عوالم المُشاهدة والرؤية، ويتم ذلك بطرق مختلفة ومن زوايا متعددة، ومن هذا المنطلق تبوأ الفنان درويش مكانة يستحقها بسبب التميز في اعماله. وتابع الباحث 'عقب حصول درويش على شهادة الماجستير، انتقل الى العمل في الكويت مدرسا للتربية الفنية، مكتشفاً طينة جديدة من أرض الكويت يُضاف إليها من 20 الى 30 في المئة طينة أسوانلي، لتكون بداية بحثه عن الطين الملون، الذي صنفه النقاد بأنه من أبرز أعماله في الخزف'.






الطين الملون

ثم تحدث بسيوني عن مرحلة أخرى في مشروع نبيل درويش مع الخرف، قائلاً 'بعد عودته إلى مصر تفرّغ درويش لبحثه عن الطين الملون والرسم (بالبطَانات) فوق المسطحات الخزفية من الأطباق، والتي تحاكي الفن الاسلامي في العصر الفاطمي برموزه من الطيور والحيوان والانسان، ليجمع في هذه المرحلة بين بيئتَي الفن الشعبي والفن الاسلامي في خليط فني يزداد ثراءً بمرور الزمن، لتكتمل الصورة باكتشافه المميز في عالم الخزف ومعرفة سر الفوهة السوداء للأواني الخزفية الفرعونية في المتحف المصري القديم، ليقدم انجازاً في التاريخ المصري القديم، وكذلك انجازاً فنياً مميزاً بتوظيفه هذا الاكتشاف توظيفاً علمياً فنياً في كل نتاجه من الأواني الخزفية.

 



http://www.aljarida.com/aljarida/Article.aspx?id=108232


___________---------_________-----------___________----------_____________


متحف نبيل درويش